الخميس، 24 أبريل 2014

هل أضحت المصالحة ضرورية لمجابهة التحديات ؟!



ترددت أصداء المصالحة من جديد في الاوساط الفلسطينية واستبشر جزء مهم من الشعب خيرا في حين توجست شريحة كبيرة من مآل المصالحة ، وبادرت حماس بخطوة إيجابية حتى تمهد الطريق للمصالحة ، وتعبر عن نواياها الصادقة في انهاء الانقسام ، وفي كل مرة تبدي حماس مرونة للتقريب الفجوة ، انقسام استفاد منه المحتل في زيادة الشرخ والاستفراد بالقضية وتوغير الصدور وتقويض العمل المقاوم مع حملة مسعورة للاستيطان وحصار جائر زاد من المعاناة ، أضف إلى ذلك ما يتعرض له الأقصى المبارك من محن بغية تقسيمه في ظل وضع عربي متردي ومتشرذم والكل منشغل بساحاته ..

وأمام هذا الوضع أضحت المصالحة مطلبا ملحا ، أولا لرأب الصدع وثانيا لخلق وحدة وطنية لمواجهة الاكراهات ، غير أن المصالحة إن لم تبنى على أسس متينة فقد لا تستمر وقد تقف عند منتصف الطريق ، أو عند بدايته ، فلسطين تحت احتلال وهو من قسمها جغرافيا ليحكم قبضته عليها ، غزة تحت الحصار الجائر والضفة بخزي التنسيق الامني قوّضت المقاومة بكل أشكالها ، وأي تقارب يقابل بالتهديد والوعيد من المحتل ومن أمريكا بالتلويح بالالتزام بسلام الوهم ، إضافة إلى ضغط عربي ..

فأي تقارب خاصة إن تلته اجراءات عملية على أرض الواقع ، معناه تقوية الصف ووحدة الخطاب ، وسينعكس ذلك على الشعوب العربية في المطالبة بدعم القضية دعما حقيقيا ونزع شماعة الانقسام التي يتذرع بها العرب ، وقد نفضوا أيديهم من القضية وظهر ذلك جليا في القمة العربية لم تقدم أي دعم حقيقي أو تاتي على معاناة الحصار، بل عادت لتستجدي الدعم من مؤسسات دولية تضم حلفاء المحتل ومن زرعه ، كيف بمن كان سبب المرض والداء أن يكون سببا للشفاء !! وتناسوا أن صلف المحتل يتعدى فلسطين فهو يهدد كل المنطقة..

الانتفاضة والحراك الفعال هو من جاء بالسلطة ، يعني أن المحتل قبل بها تحت ضغط الانتفاضة ولغاية في نفسه اتضحت فيما بعد ، وبدل استثمار الانتفاضة واستمرارية جذوتها ، نكلوا بها واجهزوا عليها، المفاوضات العقيمة لن تعيد شبرا واحدا من الارض المغتصبة ، بقاء جذوة الصراع قائم مع دعم ومساندة حقيقية هي من سيقف بحزم أمام تعنت المحتل ، البعض متفاءل وبحذر من المصالحة والشريحة الاكبر يساورها الشكوك من مآل المصالحة ، فإن كانت فتح جادة في مساعيها ، حتما سترمم المصالحة البيت الفلسطيني وإن كان العكس فتستفيد منها السلطة بقدر حاجتها منها وتلفظها عند انتهاء حاجتها ، توظفها كما وظفت من قبل الانقسام وبه استمر حنظل التنسيق الامني وجففت ينابيع المقاومة في الضفة ، إن كان الهم مصالح فلسطين العليا حتما ستكون المصالحة مكسبا لفلسطين وإن كان العكس فلن تعدو المصالحة ورقة تستخدمها السلطة وتلوح بها عند كل محطة يقف فيها قطار المفاوضات العبثي ..

والكل ملّ حتى ذكر مصطلح المصالحة ويرنو لمصالحة حقيقة يرى ثمارها بادية على أرض الواضع ، فقد تكون القاعدة الشعبية بحرصها على إتمام المصالحة ورأب الصدع ، هي المحرك لها والمقيّم لأداء الكل ، وبذلك يقف الكل على من يعرقلها ، فإن كانت السلطة همها مصالح الوطن حتما ستفلح وإن كان همها مصالح الافراد حتما ستقف عند أول تقاطع للمصالح ..

والمصالحة باتت ضرورية أمام تعنت المحتل ، فحتى مساعي السلطة في التقدم للمؤسسات الدولية لا جدوى منه إن لم يكن له من يدعمه ، ومن يسنده ، فسيقابله المحتل بخطوات أكثر حدة ، الراعي غائب والداعم المؤثر أو الضاغط غير متوفر وبذلك تهديد يقابله المحتل بالمزيد من التعنت ..

لذلك أضحت المصالحة مطلبا ملحا في ظل هذه الاوضاع الراهنة ، وما يُمارس على غزة نفس سيناريو الذي مُورس على الاخوان في مصر انتخاب و إفشالهم فيما بعد وتذمر جزء من الشعب منهم ، بعد سلسلة من التشهير وبث الكراهية في النفوس عبر اعلام مغرض محرض ، غير أن الامر يختلف من حيث ما تكتسبه غزة من مقاومة والتفاف الشعب حولها ، السلطة تدرك ذلك ، إذن الامر يختلف في غزة ، اجرام المحتل المتكرر وتصدي المقاومة له خلق حاضنة شعبية هامة حولها ، إضافة لوعي الشعب ، فهو يدرك أن لا خيار له غير المقاومة خاصة بعد عقدين من المفاوضات لم تجني منها فلسطين شيئا يذكر بل زادت المخاطر استفحالا ..

وكما قال أحد المحللين في هذا الصدد أن حماس تُساورها الشكوك والمخاوف حول نوايا السلطة ، لذلك من المهم أن توفر لها الضمانات لتأمين شراكة حقيقية حتى تمضي المصالحة في مسارها الصحيح ، فإن كانت السلطة لها نوايا صادقة وكان الهم خلق وحدة وطنية تجابه بها تعنت المحتل حتما ستنجح المصالحة إن شاء الله وستنعكس إيجابا على المشهد رغم الضغوط ، الضغوط تفضح من يمارسها وكونه ضد مصالح الشعب الفلسطيني الذي أثقل كاهله الانقسام ويرنو للم الشمل ، لان الواقع يحتاج لخيار ناجع ، الضغوط تزيد الشارع تلاحما ..

وإن اعتقدت السلطة أن الوقت حان لتحقيق حسابات تساورها وإن اعتقدت أن الناس أرهقها الحصار وتذمرت من تداعياته فهي واهمة وسيتكرر نفس سينارو الذي سبق الانقسام ، وإن توفرت الاجواء الملائمة لاجراء انتخابات نزيهة وشفافة ، إن شاء الله الشعب سيختار وسيحسن أختياره وسيجدد ولاءه لمن حمى الثغور ، الشعب يحن لساعة التلاحم مع مقاومته عزز رباطه بها ، لذلك فالوحدة الوطنية هي منقذ بإذن الله للواقع المحبط والمنهك ، وإنهاء سياسة المحتل التي دأب عليها : سياسة فرق تسد ، ونسأل الله العلي القدير أن يقدم مافيه الخير لفلسطين ، اللهم آمين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق