الخميس، 1 مايو 2014

في رحاب آية..



قال تعالى :
(قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا ۖ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ ۖ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) سورة الشعراء
​تناولت الآية الكريمة سحرة فرعون الذين أسلموا وأذعنوا للحق بمجرد ما تجلى أمامهم ، هم سحروا فقط أعين الناس بسحرهم ، أما الامر بالنسبة لهم ، لم يكن يعدو تخييلا ، والسحرة ذاك مجالهم وقد خبروه ، أما عصا موسى عليه السلام تتحرك حقيقة ، وقد آتت على كل سحرهم ، تحولت العصا لحية تسعى وقد رأوها بأم أعينهم ، هو الحق الذي أزال الغشاوة عن الاعين ، وأزاح الحجب عن القلوب ، فأضحت نقية صافية وأقبلت على الحق طواعية..

كل نبي مرسل جاء بمعجزة تفند ما راج في القوم ، وقد كان السحر متفشيا فكانت المعجزة من صنو ما شاع في الواقع ، وكان السحر ذراع فرعون ، يعول عليه في استعباد الخلق ، وماكان من فرعون إلا أن سارع باتهمهم بالتآمر عليه وعلى عرشه ، ديدن المستبدين عبر العصور ، بلا حجة أو دليل ، التهم جاهزة ، وضعيف الحجة والبرهان هو من يلتجئ لهكذا أسلوب ، حتى يموه على العامة ويشوش تفكيرهم ، وحتى يغطي على هزيمته النكراء أمام الملأ ..

بعد التهمة جاء الوعيد والتهديد لثنيهم عن الحق الذي لامس قلوبهم ، لم يكترثوا لتهديده ، فقد أضاء نور الايمان القلوب ، وصقل صدأها ، لم يعودوا يبالوا بأي مصير ينتظرهم ، نورالحق أمدهم بقوة تفوق قوة فرعون وبطشه ، بدى فرعون أمامهم عاجزا أن يكسر أو ينال من عزيمتهم ، الحق قوي فهو يستمد قوته من الحق جل وعلا ، أما الباطل فضعيف زاهق ، لأنه منفصل عن الحق ، والحق الذي آمنوا به يستحق التضحية وبذل كل غال ونفيس من أجله ولو بذلوا أرواحهم في سبيله ..

كانت نكسة لفرعون وهو من جمعهم لينكل بموسى عليه السلام أمام الملأ ، تحولوا في لحظة من جنود لفرعون يعملون تحت خدمته لجنود للحق يدافعون عنه ويستميتون عليه ، حق لامس حنايا القلوب ، وبلغت حلاوته عرش الافئدة ، فأنساهم ما سيلاقونه من ظلم من الطاغية ، عندما يبلغ نور الايمان شغاف القلب وتحس بمعية الله معك ، تزداد قوة وصلابة ، وعندها ترنو الارواح لما أعده الله لعباده الصالحين من نعيم مقيم ..

إيمانهم في لحظة فتح الله فيها قلوبهم للحق ، تظهر أن فرعون هو من كان يجبرهم على هذا الضلال ، وبمجرد ما تجلت آيات الحق آمنوا ، فقد كانت أرواجهم تحمل الخير بين جوانحها تنتظر فقط ساعة الانعتاق والانطلاق من الضيق لرحابة الحق ، في المقابل بنو إسرئيل استعذبوا عقود العبودية وركنوا لها ، حتى حين جاء موسى عليه السلام ليحررهم من قيود العبودية وينقذهم ، عاندوا وجابهوا نعم الله بالجحود والنكران ، فقد كانت أنفسهم مريضة ، والعناد متأصل فيها ، وطبع الله على قلوبهم ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق