الاثنين، 19 مايو 2014

الاستقرار السياسي هو من يبني دولة قوية ..




تدخل الجيش في السياسة يفسدها ويقسم الشعب ولا يبني دولة قوية ، المجتمع يتكون من أطياف عدة تختلف في طريقة تفكيرها ، ولكل مشاربه لكن توحدهم بقعة جغرافية واحدة وعلم واحد وتجمعهم روابط عدة ، والكل يسعى بجهد لخدمة الوطن ، منه تنبثق أحزاب تعبر عن هموم المواطن وتمثله وتعكس رؤاه ولها برنامجها ، برنامج يخدم مصالح الوطن ، ودستور ينظم سير العمل ، دستور استفتي عليه من قبل تحت مظلة الشرعية ، وتداول السلطة بين مكونات المجتمع هو من يعزز قيم ومبادئ الديمقراطية ..

وحين يختار الشعب من يمثله أومن يرتضيه لحكم الوطن من حزب معين ، تشكل البقية معارضة تتكامل مع الرئاسة ولا يكن شغلها الشاغل وضع المتاريس لعرقلة المسار ، بل تقيّم الاداء وتعلو مصالح الوطن على أية مصالح حزبية ضيقة تعرض العملية لانتكاسة ، هذا هو الجاري به في دول مارست الديمقراطية لعقود وتشربت معناها الحقيقي ، ويختار الرئيس وزراء من حزبه وهذا جاري به العمل حتى يدعموا مشروعه الاصلاحي أو النهضوي ويكون بينهم نوع من الانسجام .

أما اصطفاف العسكر للون واحد وإقصاء الباقي هو مصادرة لصوت الشعب ولا ينبئ بخير وقد يجر البلد لنزيف حرب أهلية لا قر الله ، وتقسيم الوطن ، العسكر جعل من البعض فقط ستار ليضفي على نفسه شرعية زائفة ، التدخل الايجابي يكمن في حماية العملية الديمقراطية وليس التستر خلف لون واحد لاقصاء من جاء بهم الصندوق ، ومن يقارن بين حكم العسكر وبين حكم مدني افرزته صناديق الاقتراع ، هو حتما يجهل ماذا يعني المسار الديمقراطي ..

فإذا قبل الكل بالاحتكام للصندوق مطلوب احترام من افرزهم وأعطاءهم فرصة للعمل الجاد واحترام إرادة الشعب الذي أعطاهم صوته ، أما رفض العملية برمتها معناه استخفاف بإختيار الشعب والوصاية عليه والحجر عليه وكأنه غير مؤهل لممارسة الديمقراطية ورمي صوته في سلة المهملات ، وفرض عليه حكم عسكري مقيت عانت منه مصر لعقود ، شتان بين عملية ديمقراطية أتت برئيس شرعي منتخب وبين انقلاب اغرق البلد في بحر من الدم والثأر ، تداول السلطة بعيدا عن قضبة العسكر هو من سيؤسس لوطن قوي يشارك الكل في بناءه مع تداول للسلطة حتى يجتهد الكل في دعمه برأيه الصائب ، كالفريق الرياضي كل مرة تضخ دماء جديدة فيه حتى يعطي كل مخزونه أما بقاء لون واحد طيلة ستة عقود مدعاة للترهل وسينخره الضعف وقد جربه المصريون ووقفوا على اخفاقاته..

الجيش له وظيفته ومهامه المنوطة به وتكمن في حماية وحفظ الوطن ، بدل الاشتغال بالسياسة وأضعاف الجيش وتمكن أعداءه منه ، عندما تقف كل مؤسسة على مهامها ، عندئد لا تتغول مؤسسة على أخرى وإلا اختل الميزان ، انشغال الجيش بالسياسة قد يجر لانشقاق الجيش مهما كانت الفزاعات التي يتستر خلفها الانقلاب ، كفزاعة تهديد الامن القوي أو محاربة ما يسمى (بالارهاب )، القيادات العسكرية التي انقلبت همها حفظ مصالحها ولو على حساب مصالح الوطن..

ما يقوم به الانقلاب من اجرام وتعسف فهو يكرس لدولة الخوف والقهر وتكميم الأفواه حتى يركن الكل لارادته ، الانقلاب هو من خلق جو الفوضى وضيق على أرزاق المواطن البسيط وخلق الانفلات الامني لغاية حتى يمتطيه فيما بعد أو يتخذه ذريعة لبقاء حكم العسكر ، أنىّ لعملية نزيهة أن تجرى ومرشح العسكر مدعوم بالقوة ، هذا الوضع القائم يشوه الحياة السياسية ويفقدها طعمها ، والنتيجة محسومة مسبقا ومن ليس معاهم فهو ضدهم والسجون والتهم الجائرة في انتظارهم مفصلة سلفا لا تنتظر سوى الضحية ، وبعدها يعيدون قانون الطوارئ وقد سبقه قانون تجريم وليس تنظيم حق التظاهر ..

كلها قوانين جائرة تعصف بالحريات وتكبل المواطن وتجهض حقه ، والكل خاسر حتى من يتستر خلفهم الانقلاب ، وإن رضي اليوم بالفتات على وطن حر تبنيه مشاركة حقيقية مع كل القوى ، والمخرج هو إعادة اللحمة وتمتين أواصر الثقة بين كل مكونات المجتمع وعودة الجيش لتكناته ، وعدم إقصاء أي أحد وتداول السلطة في جو سياسي نظيف ، وإلا لن ينعم الوطن بالاستقرار مهما علت القبضة الامنية ، هذا سيزيد الوضع تأزما ..

واهم من يعتقد أن مرشح العسكر هو المنقذ ، وهو يغالط نفسه مهمة الجيش انقاذ مصر من عدو خارجي يتربص بها وليس تقسيم الوطن لحليف وعدو فكلهم أبناء وطن واحد ، ومن يحتمي بهم اليوم ، غدا سيكتوب بنارهم ، لا تنظر لفتات آني بل انظر لمستقبل الجيل القادم ، وإن كانت الحياة السياسية لم تنضح كما ينبغي فبالممارسة والاحتكاك نبلغ النضح الكامل ، أما الانقلاب فهو نكسة للحريات ولن يبني دولة قوية ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق