الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

الاستبداد مصدر الشرور .




عندما خرج الشعب في سوريا ، نادى بالاصلاح ، فرد عليه النظام بنيران دبابته ، عندما خطت أنامل الاطفال في درعة عبارات للحرية نكل بهم ، وعندما ثار الشعب في 25 يناير في مصر مطالبا بحقوقه : حرية عدالة اجتماعية كرامة ، ثورة سلمية أدهشت العالم ، انقلب العسكر على المسار الديمقراطي وجعل من الارهاب فزاعة ليقمع الربيع العربي ويئد ثورة الشعب ، وحتى عندما حافظ الشارع على سلميته أدماها الانقلاب وعصف بكل مكتسبات الثورة ..

وهكذا قس على كل البلدان التي شهدت الربيع العربي ، استأسدت الثورة المضادة ، بل وتحالف الاستبداد مع أعداء الامة لقمع الشعوب والسعي لاعادتهم لحظيرة الاستبداد ، صحيح أن الربيع العربي حوصر وانتكس وتعثر قطاره ، لكنها ليست نهاية المطاف ، فثمار التغيير لها وقت لتنضج ، والربيع العربي ليس مؤامرة كما يتوهم البعض ، لكنه تآمر عليها شياطين الانس والجن لاجهاضه في مهده ،وإلا فهو تطور طبيعي للاحداث ، فالظلم لن يدوم وله وقت ويزول ..

والرسالات هي أيضا ثورة ، ثورة على الظلم ،..وعندما يحيد القطار عن مساره الصحيح وينتشر الظلم وتهدر الحقوق وتعبد الاصنام بشتى أنواها ويحل التيه وتهوي البشرية لمستنقع آسن من الطغيان ، يبعت الله من يعيد القطار لسكته الصحيحة ، ويرفع الظلم ويعيد للنفوس صفاءها وينقي القلوب مما علق بها من الشوائب وما ران عليها من صدأ حتى افقدها بهاءها ، تأتي الرسلات لتصلح الواقع وتزرع الخير في النفوس ليثمر رحمة وطمأنينة وعدلا وانصافا ومحبة وإيخاءا وترسو بالسفينة لبر الامان ، فيختار الله عز وجل من عباده ذوي الامانة والصدق والاخلاق ليرشدوا الناس لطريق الهداية ويحررونهم من الجور والظلم ..من مقالي السابق : الرسالات ثورة على الظلم 

وما نراه اليوم مما يدمي القلب ويحز في النفس ويدمع العين من مجازر ولجوء ومحن ومعاناة وقوارب الموت وو..، ليس مرده للربيع العربي أو مرده لشعوب تفتقد للوعي أو شعوب لا تدرك مراميها ..كلا ، بل هي من مفرزات الاستبداد ، وتغول الثوارت المضادة ، الغرب نصب أدواته لتأمين مصالحه ورأى في الربيع العربي تهديدا حقيقيا لمصالحه فأوعز لادواته بقمع الشعوب والتنكيل بهم ، وإن فشلت أدواته في تأمين مصالحه تدخل هو بنفسه لتأمينها عبر شعارات زائفة محاربة ما يسميه (الارهاب) ، الاستبداد مستعد لقتل الشعب كله وبيع الارض ، المهم أن يفلت من المحاسبة والمساءلة ، ولو كانت ثمة آذانا صاغية ، تقدم مصالح الاوطان ، لكان لصوت الشعب صدى ..

الاستبداد يقتل روح الابداع ويقلب الحقائق ويشوه صورة المصلحين ويزج بهم في غياهيب السجون وهو المسؤول الاول عن تخلف الامة وبقائها في ذيل القافلة ، البيئة الغير النظيفة تكون مرتعا للأوبئة ، وتحرير العقول مما تكدس فيها لعقود ، لا يتأتى إلا بإزاحة المسببات ، والفتوحات الاسلامية لم تكن لاكراه الناس على الايمان كلا ، بل لان الطغيان والظلم حال دون بلوغ الحق لقلوب الناس ، قارعوا الظلم وحرروا الناس من عقال الجور ، فأقبلت على الاسلام طواعية بل وكانت من جنده الاوفياء ..

الاستبداد يحول دون استقلالية قرار الامة ، ودون امتلاكها للقوة ، فلا نهضة ولا تقدم ولا ازدهار ولا كرامة ولا حرية ولا عدل في ظل استبداد يكمم الافواه ويمسك بكل مفاصل الدولة وله أذرع يسخرها لخدمة مصالحه ، ويفرط في خيرات الامة ، كيف يتسنى لك التغيير وأنت لا تملك آلياته؟! وعند إزاحة الاستبداد تتحرر العقول وتبدع وتتميز وتطالب بالانصاف وتحقق للامة ما تصبو إليه وتحقق الغاية من خلقنا ..

الاستبداد ينتج أمة جبانة تفرط في حقوقها ، أما في ظل العدل والحرية تقوم أمة لا تقبل الضيم أمة كريمة ، تدافع عن حقوقها وتستعيد مجدها وتستميت على مطالبها ،أمة عزيزة قوية تسود الارض وتبسط رداء العدل وتقود البشرية لبر الامان ، وعندها يكون الجو نظيفا لبث الوعي وتصحيح المفاهيم وإيجاد تربية خصبة لينمو فيها الخير وتحيي الامة كل القيم والشمائل والمزايا والفضائل وو..والتي اغتالها الاستبداد ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق