الخميس، 7 يونيو 2018

أميرة العودة ..




يوم الجمعة الفائت ودعت غزة ابنتها البارة الشهيدة المسعفة رزان النجار ، ودعتها بحرقة وقد آلمها فراقها ، قلوب اعتصرها الوجع وعيون اكتوت بالدمع على رحيلها وألسن تلهج بالدعاء لها وتشيد بإنسانيتها ، أوجع رحيلها كل الأحرار ونعاها بكلمات مؤثرة من عرفها ومن وقف على نبل رسالتها وسمتها وثباتها ، شيعتها جماهير غفيرة في عرس مهيب ، قلوب وفية أحبت فيها انسانيتها ووطنيتها وعشقها لأرضها وتفانيها وإخلاصها في عملها الإنساني ..

لازالت كلماتها المفعمة بالتحدي والإصرار والتفاني في حب الأرض ، ترن في الآذان وتعلي الهمم ، رحل الجسد الطاهر وبقي الأثر الطيب حاضرا ، ومكانة كبيرة في قلوب من حولها ، رزان التي عشقت ثرى وطنها الطيب ، لم يهدأ لها بال ،عندما رأته يتألم ، فهبت للتخفيف عنه أوجاعه وتوقف نزف دمائه الطاهرة ، وتضمد جراحه ، آمنت بعدالة قضيتها واعتزت برسالتها النبيلة وضحت بروحها لأجلها ، بعد أن بذلت كل جهد ولم تبخل بوقتها عنه ، استثمر كل لحظة لدعم نضاله..

ساعدت شعبها في مسيرته وقدمت له الدعم وشدت من الأزر وساندت وطنها في نضاله ، منذ انطلاق مسيرة العودة ، كانت هناك .. مرابطة تسعف الجرحى وتتقدم الصفوف وتسكن الآلام وتؤدي عملها الإنساني على أكمل وجه ، بإبتسامتها المعهودة أدخلت السرور والبهجة على القلوب النابضة بحب الوطن ، كانت البلسم للجروح ، كان كل سلاحها سترة الإسعاف ولوازمه ، تلك السترة الشاهدة على  وحشية الإحتلال ، لم تكن تشكل أي خطر على الصهاينة ، كانت تسعف العزل والمتظاهرين السلميين ، الذين يستهدفهم الإحتلال ومع ذلك نال منها الحقد الصهيوني ..

عشقها لأرضها وحنينها لقريتها التي هجرت منها قسرا وحبها لعملها الإنساني قوى عزيمتها، فتحدت بذلك كل المخاطر التي صادفتها في طريقها ، بقيت صامدة ومرابطة وجسورة في الميدان ولم تغادره حتى لقيت ربها شهيدة ، كلماتها الصادقة والنابعة من قلب مفعم بحب الوطن لها  صدى في قلوب ووجدان كل من عرفها وكل مؤمن بعدالة القضية ، عانت مرارة الحصار كما كل شعب غزة ، ومع ذلك لم يكسر إرادتها ولم ينل منها بل حشذ همتها ، فساهمت في التخفيف عن معاناته بكل جهدها ..

عملت بوفاء واخلاص ، كانت سعيدة مع كل تعبها ، ترجو من الله الأجر ، أٍرادت أن تشارك في مسيرة العودة بطريقتها الخاصة لتترك بصمتها ، فأختارت  اسعاف الجرحى مهمة نبيلة وانسانية ، لمساتها الحانية واشراقة وجهها وصفاء قلبها وبساطتها وعفويتها ووعيها ونضجها وعلو همتها ترك الاثر الطيب في قلوب من حولها ، لذلك أوجعت قلوبهم برحيلها ..

رفضت التخلي عن رسالتها النبيلة أو الإستكانة مع كل ما تعرضت له من صلف الصهاينة ، الذي يستهدف الصحفيين والمسعفين وصممت أن تكمل المشوار ولم تثنيها  ، غطرسة الإحتلال وتحدت كل المنغصات ، كانت تعلم أن مهامها ليست بالسهلة في ظل احتلال يتعامل مع المسيرات السلمية بوحشية ومع ذلك تحلت بروح عالية واقدمت على مهامها الإنسانية بكل همة ونشاط ، ولبت نداء وطنها وجادت بروحها لأجله ، ورخصت له كل غالي ونفيس ، تفانت في عملها الإنساني وخطت رسالتها النبيلة بدمائها الزكية..

رفيقات دربها آلمهن فراقها وأقسمت أن يكمل المشوار وأن يسرن على دربها درب التضحية والفداء ، يتحدين بذلك غطرسة المحتل ، سيرابطن في الميدان وفاءََ لتضحايات ، رفيقتهن وتثمينا لجهودها الطيبة واخلاصا لرساتها النبيلة ، فلسطين في كل يوم على موعد مع أيقونة جديدة تعلي نضالها وترسم ملامح النصر وتقوي الصف وتحشد الهمم وتعلي صرح الشموخ والصمود والإباء  ..         

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق