الثلاثاء، 19 يونيو 2018

العيد فرحة ..





 العيد هدية من الله عز وجل لعبادة المؤمنين على طاعاتهم ، فبعد صوم رمضان ، بعد الجهد والبذل والعطاء ، واعمال البر ، والدعاء والصبر والقيام والصدقة والإقبال على تلاوة القرآن ، بعد أجواء ربانية ساحرة شحنت الأرواح إيمانا لتسمو بها وتعلي همتها ، تأتي المكافأة ، بعد مدرسة رمضان التي نتعلم من خلالها الصبر وقوة الإرادة ، يأتي عيد الفطر ، فرحة للعبد على أدائه الطاعات ورجاء من الله عز وجل أن تقبل الأعمال الصالحة وأن تكون فيها النية خالصة لوجهه تعالى ، فرحة تغمر قلب المؤمن ، وشعور رائع أن تكلل طاعاته بالقبول وتنعكس على حاله خيرا وصلاحا ..

وبعد الركن الخامس من الإسلام بعد طاعة وعبادة تجردت فيها الأنفس من كل لعاعات الدنيا وأزالت كل الشوائب عنها حتى غدت صافية رقراقة ، أقبلت على ربها طائعة ترجو عفوه ورحمته ومغفرته ، قلوب نقية تجمعت من كل حدب وصوب راجية أن تمحى الذنوب و تقبل الدعوات وتقضى الحاجات وتعلو الدرجات ، يأتي عيد الأضحى هدية للمؤمن تغمر روحه فرحة وتبهج فؤاده ، فرحة تضفي جو حبور وسروره على كل الأهل والأحباب ..

في الأعياد يلتم شمل العائلة وتتبادل الزيارات فيما بينها ، ويرتدي الأطفال أزهى الحلل والهدية في العيد لها طعم خاص ، فهي عربون محبة وإخلاص لمن تهديها ، لا تكمن قيمتها في ثمنها الباهض ، بل قيمتها تكمن في مكانة وقدر من سيهديها في قلوب أحبته ، فقد تكون عبارة عن كلمة طيبة تدخل السروروالبهجة على قلوب من حولك ، فالهدية تمتن الروابط وتسعد قلوب الأحبة وتقوي اواصر المحبة ، إلا أن الفرحة لا تكتمل في غياب أحبة إما غيبهم الأسر أو الشهادة ، ومع ذلك تتسامى النفوس على الجراح وتقتنص فرحة العيد من بين ركام الأحزان ، وتفوت على الإحتلال مراميه ، فلا يُفلح في تنغيص الفرحة في قلوب الأسرى واهاليهم ..

وزيارات العائلة وتكاتفها وتضامنها والتفافها تخفف من لوعة الفراق ، وتشعرك بالمعنى الحقيقي للجسد الواحد ، كلماتهم الطيبة بلسم لجراح أحبتهم ترفع معنويات أهالي الشهداء وتمسح عن أرواحهم سحنة الحزن ، مواساة تخفف مصابهم ، فقد اختار الله أحبتهم والغوالي على قلبهم لينالوا المنزلة الرفيعة ، فضائل الشهيد لا تعد ولا تحصى ، وتتعدى الشهيد لتشمل أهله وذويه ، وسام جليل يتسابق عليه الكثيرون ولا يناله إلا من اصطفاه الله ، يستقبلون العيد بالصبر والإحتساب والسلوى فالشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وعزاء أهليهم لقاؤهم بالفردوس الأعلى ..

وهناك أسر زينت جدران بيتها بصور الاسرى ، أحبة افتقدتهم في جو العيد ، مشاعر أهليهم تمتزج بين الصبر والحنين والشوق والأمل ، إلا أن أروع ملاحم الصبر تتجسد في أسر غاب عنها أحبتها ولم يشاركوها فرحة العيد ، ومع ذلك تتجمل بالصبر مع أن القلب يتوجع لكن تخفي ألمها وتتسامى عن أوجاعها ، وتضرب أروع الأمثلة في الصبر والتفاؤل بالخير ، بل تسدي النصح وتجبر الخاطر وتضمد جراح قلوب مكلومة ، وتواسيها وتظهر فرحة العيد ، قلوب يملأها الرضا والتسليم بقضاء الله وقضائه ، كلها أمل أن يلتم شملها بأحبتها ..

يقينهم عالِِ بأن الفرج قريب وأن الهموم لا تدوم والقيود ستنكسر وشمس الحرية ستسطع من جديد ويعود الأسرى لدفء العائلة ، يفوتون على الأحتلال مآربه ، لن يكسر إرادتهم ولن يعكر صفوهم ، لا يغرقون في بحور من الحزن فيوجعون قلوب أحبتهم ، فمعنويات الأسير ترتفع بصبر وصمود أهله ، يقدمون النصح لمن غاب عنه أحبته ويوصونه بالصبر والإحتساب واظهار فرحة العيد ، يرسمون البسمة على شفاه الصغار ، لامكان لإستكانة أو القهر أو الوجع في قاموسهم ..

وأحبتهم بدورهم في سجون الإحتلال يرسمون بسمة العيد على محياهم ، يصنعون كعك العيد ، يخلقون جو الفرحة بقدوم العيد ، يدركون أن أحبتهم يستلهمون دروس الصبر والثبات منهم ، صبر أحبتهم يرفع معنوياتهم ويعزز ثباتهم ، لا يركنون لليأس فتخور قواهم ، فهم من ضحوا بزهرات شبابهم فداء لله ثم للوطن ، عدالة قضيتهم تعزز صمودهم ، يدركون بإيمانهم القوي أن صبحهم قريبا سيبزغ وأن شمس حريتهم عن قريب ستسطع ، بإذن الله ، لتبدد عتمة السجون ، ينتظرون بشوق وحنين العيد القادم وقد تحرروا من القيود والاغلال والتم شملهم بعائلاتهم ، وتلاشت كل احزانهم ، وعمت الفرحة أكناف بيتهم ، بإذن الله ..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق