الأحد، 15 يوليو 2018

مئة يوم من التحدي والصمود ..




مئة يوم على انطلاق مسيرة العودة وكسر الحصار ، ولازالت المسيرة في عنفوانها ولازالت جذوتها متقدة ، ولازالت معنويات المشاركين فيها عالية ، كيف لا والحافز الذي يشحن طاقاتهم هو حب الوطن وكره الإحتلال والشوق لقراهم التي هجروا منه ، وكسر الحصار الجائر ، فكيف بحب الوطن أن يخبو في قلوب عشقته ، وزادتها تضحيات الأبطال توهجا واستماتة على  الحق ، حتى تحقيق أهدافها في انهاء الحصار الجائر وأفشال المؤامرة التي تحاك للقضية وحفظ حق العودة وعدم التفريط فيه   ..

وكما ابدعت غزة في المقاومة المسلحة ، أبهرت العالم في المقاومة الشعبية ، مئة يوم والشعب يتظاهر بسلمية ، لم يمل ولم يكل ولازال البذل والعطاء يتدفق ، فعاليات المسيرة ونشاطاتها تبعث برسالة للعالم مفادها ، أن شعب غزة تواق لحريته ، شعب يحب الحياة وعلى غزة ما يستحق الحياة ، شعب ينبض قلبه حبا لوطنه المسلوب ، في المقابل احتلال ينغص عليه يومياته في أرضه ويضيق عليه ويواجه سلميته بإجرام وصلف وعنجهية وجرائم ، وليس آخرها استهدافه لاطفال يلهون في المتنزه بعد أن ضيق عليه الحصار في بيوت تفتقر للكثير من مقومات الحياة ، وخرجوا لمتنفس يعبرون فيه عن طفولتهم التي اهدرها الإحتلال بفعل الحصار الجائر ، فلا كهرباء ولا ماء صالح للشرب حتى البحر ضيقه عليهم وغدا ملوث بفعل الحصار ، فما كان منه إلا أن اغتال براءتهم وكتم أنفاسهم وأحال المكان لدمار وخراب   ، 

مئة يوم من الإبداع الفلسطيني المتنوع ، وكان في مقدمة الإبداع : الطائرات الورقية أو البالونات الحارقة التي كانت أشد إيلاما على الإحتلال ، فهي أيضا شكل من أشكال المقاومة السلمية التي قضت مضجع الإحتلال ، وإذا أراد أن يغير قواعد الإشتباك فالمقاومة له بالمرصاد ،  لذلك صب جام حقده على أطفال عزل في متنزه ، وبذلك يكشف عن وجهه القميئ ، ووصف  ، سيغدو لصيقا به ينضاف لوحشيته المتأصلة فيه : قاتل الأطفال ، هو الإحتلال لا يفرد عضلاته إلا على الأطفال والعزل والنساء ، في المقابل سمعنا صرخاته وأنينه عند مواجهة أبطال الميدان  ، 

 مسيرة العودة عززت اللحمة وشارك فيها كل الأطياف ، يؤازرون أخوتهم في الخان الأحمر ، مع كل ما تعانيه غزة من حصار وقهر وصلف الإحتلال ، لم تنسى هموم إخوتها وثارت غضبا للحرة التي نزع الصهاينة حجابها وأبانت عن غيرتها عليها ، شهامة ومروءة من غزة ، لم يستسيغوا العدوان على أخوتهم ، وشكلوا بذلك معنى الجسد الواحد في أبهى صوره ، يدعمون نضالهم حتى يفوتوا على الإحتلال مراميه  ..

والضفة أيضا انفجرت غضبها على الإجراءات التعسفية التي تثقل كاهل غزة ، وتزيد من معاناتها ، تعالت الأصوات وصدحت الحناجر مطالبة بإنهاء الظلم الذي طال غزة ، بدل تثمين تضحياتها وصبرها وانجازاتها ، تشارك السلطة  الإحتلال في ظلم غزة ، وتفاقم معاناتها ، يعرف الفلسطيني أن المحتل ينكل بالفلسطيني في كل فلسطين ، لأن في عرفه جريرة الفلسطيني أنه فلسطيني ، يُذكّر المحتل بالجريمة التي اقترفها بحقه ، يذكره  بحقه الذي سلبه منه وبيته التي سرقها وبياراته التي نهبها وتاريخه الذي يحاول بكل خبث 
 تزويره ، ويذكره بأرضه الذي قضمها بفعل الإستيطان منذ أن وطـأت قدماه الآثمتين ثرى فلسطين الطاهر ،
  وكذا مائه وحتى هوائه الذي لوثته بحقده الذي ينفثه  ،  وحتما 
سيأتي يوم ويلفظه ما فوق الأرض وما تحتها ، بإذن الله   ..

لذلك عندما ينكل المحتل بجزء من فلسطين يهب الكل الفلسطيني ولا يترك إخوته فريسة سائغة بين يدي المحتل ، وحتى لا يستفرد المحتل بهم ، وبذلك يساند نضال إخوته ويشد من أزرهم ، وهذا ما فهمته الضفة فكانت المسيرات المناهضة  للإجراءات الظالمة التي فرضتها السلطة على شعب يكفيه معاناته من احتلال جائر وحصار انهكه ، شعب بذل روحه ليكحل عيونه برؤية تربة وطنه ويتنسم هواها ، كان الأولى مكافأته وليس معاقبته   ..

مسيرة العودة لم يقتصر فيها حب فلسطين بالتغني بالكلمات بل جسدته على الأرض ، احياء لثراته ، كسر الحاجز الوهمي الذي خطته آله الحقد الصهوني على أرضه ، وكللها بالشهادة على ثراها الطيب ، مسيرات الضفة تدرك أن رفع العقوبات يعزز صمود الشعب الذي يواجه صلف المحتل ، الشعب على الأرض كله موحد بكل أطيافه على خيار مقاومة في مواجهة عنجهية الإحتلال وبكل أشكالها ، وكم تثلج صدره رد المقاومة على غطرسة المحتل  وأداءها الطيب ، حتى يدرك الإحتلال أن المسيرة لها من يدافع عنها ويحميها ويذود عنها ..

وحدة الشارع رسالة للجميع أن توحدوا ، فالوحدة تقوي الصفوف وتعزز الصمود وتفوت على الإحتلال مآربه ، غزة لها نخوة وكبرياء ولم يفت في عضدها الحصار ، ولم تستسلم ولم ترفع الراية البيضاء ، لذلك تثمين جهودها لا يتأتى إلا برفع العقوبات الجائرة عنها ، الاجراءات العقابية بخس لتضحياتها ، لازالت غزة ملتفة حول مقاومتها وقد عجز الإحتلال في فصم عرى الأخوة بين أبنائها ، بل وبين كل أبناء فلسطين ، روابط شتى تجمع كل الوطن ، ومسيرة العودة عززت الوحدة وأعادت للشارع الفلسطيني ألقه ، والعالم بدأ يصغي لصوت غزة ويبقى السؤال : متى يتحرك لرفع الحيف عنها ، 

على الأرض تبخر مصطلح الإنقسام البغيض ، كل الأطياف في المسيرة تعبر عن حبها للوطن وحنينها للعودة والدم واحد والكل يتألم  لقطرة عزيزة تسقط من جسد طاهر والعَلم واحد والحلم واحد والهدف واحد والعودة حق كالشمس والعودة حق لا عودة عنه ،

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق