الأحد، 17 نوفمبر 2013

قوارب الموت وجنة أوروبا ....!



شكلت الهجرة الغير الشرعية من دول إفريقيا نحو أوروبا هاجسا يقض مضجع الغرب ، تلك القارة السمراء التي أنهكتها الحروب والتناحر والفقر والامية ، وتناسى الغرب أن له يد في مآسي إفريقيا، هو من يبيع السلاح ويخلق نزاعات وصراعات تضعفها وتنهك قوتها ، علاوة على تشكيل حدود جديدة وانفصالات تزيد من الشرخ وتزيد من تأزم الوضع ،  إفريقيا لها ثرواتها الهائلة لكن لا تستفيد منها أو تباع بأبخس الاثمان لعدة عوامل ، ويستفيد منها الغرب ، والامر لا يقتصر على دول بعينها ، فالهجرة أضحت حلما يراود الكثيرين في دولنا العربية وتختلف الاسباب من دولة لأخرى ..

 يحلم بجنة أوروبا ويبلغ مسامعه الرخاء وبلد حقوق الانسان ، فيظل يداعبه هذا الخاطر ويحلم بالامل المنشود في الضفة الاخرى ، يفضل سجنا في الغربة على ظلم ذوي القربى ، يتحين الفرصة ليمتطي قارب النجاة! ليعبر به لبلد المن والسلوى ، ولا يدري ما يخبئه القدر له ، من خطوب ومحن ، أجساد منهكة تكدست في قارب متهالك تالف لا يقوى على الرحلة ولا على الحمولة  ، سحنات مختلفة ، كل مناها أن تحيا بكرامة ، تحلم بالعيش الرغيد ، يهربون من واقع مرير أو بطالة أرهقتهم ، أو وطن يحابي بين أبناءه ، لكل حاجته التي رسمها في مخيلته ، يمتطون القارب ويشقون به عباب البحر ، بحر متلاطم الامواج ، وبدل جنة أوروب يجد أسماك القرش تنتظره ليكون فريسة لها ، ومن نجى يمنّي نفسه بالعودة !!

ما الذي افتقده هؤلاء في أوطانهم وجعلم يركبون المخاطر ويغامرون بحياتهم ؟!! 
فهم يرنون لعالم عادل ، وعيش رغيد وكرامة واحترام ولمن يقدر جهودهم ولا يغبنهم حقهم، وموطننا يزخر بالثروات والخيرات والطاقات ، والموارد ، والضير ليس فيما تزخر به الاوطان بل في حسن توزيعها ، فقد تكدست الثروات في يد فئة قليلة وحرمتها فئة عريضة من الشعب ، وهذا الغرب الذي يسعون إليه هو نفسه من استعمرنا ونهب الثروات ، ومزق الشمل بخلق حزازات بين الدول وحدود وهمية مزقت النسيج ، ودعم المستبدين من أوعزوا البلاد والعباد للفقر والتخلف وو..ليؤمون لهم مصالحهم ولو سدت كل المنافذ التي تؤرقه وتحقق ما يصبو إليه المواطن من حقوق وعدالة ، لما غامر بحياته وحياة أسرته وعرضهم للخطر المحدق ..

وهذا الغرب الذي أرقته الهجرة الغير الشرعية ، لماذا لا يشارك في الحل لوقفها ، من خلال الاستثمار في أفرقيا وتنميتها ، من خلال مشاريع توفر للمواطن ما يسد به حاجته ويغنيه عن ركوب المخاطر ، وحتى لا يفكر بالهجرة ومغاردة وطنه ، الغرب يجعل من دولنا حارسا لحدوده ،دون أن يقف أحد على معاناة المواطن ويجتهد هو والدول التي تشهد أفواج مهاجرة تتدفق عبر الحدود ، لحل أزماتهم وتوفير حاجياتهم ، هذا هو الكفيل لوقف الهجرة ، فحين سدت أمام وجوههم كل الابواب لم يبق لهم سوى البحر مع ما يشكله من أخطار تهدد حياتهم فأمتطوه..

هذا عن أفريقيا ودول تشهد نوعا من الاستقرار ، أما الامر أشد وأنكى عند الدول التي تشهد حروبا طاحنة ، كحال سوريا ، فإن بقي المواطن في سوريا فشبح الموت يطارده وإن إلتجأ لدول الجوار ، بعضها وليس كلها ، يجد الحيف والتعسف وسوء المعاملة ، فيفضل قواب الموت على العيش الغير الكريم ، في رحلة مريرة غالبا ما تنتهي بالموت أو الاسر تم التهديد بعودتهم لسوريا من جديد !!  

عدا عن من يقع في شباك المحتالين من يستغلون ظروف المهاجر ، فيسلبه ماله أو يعرضه للخطر أو تتقاتل شبكات الاحتيال فيما بينها ويكون المواطن المهاجر الضحية ، لا يغامر المرء بحياته إلا إذا كان يعيش وضعا صعبا حرمه أبسط حاجياته ولم يوفر له حقوقه ولم يكن له الوطن الحضن الآمن وافتقد الكثير فيه ، وأضحى المواطن العربي اللاجئ  بين نارين ، إما أن تفتك به آلة الحقد في سوريا أو يموت غرقا أو يموت بنيران عربية أضحت حارسا للغرب ..

لا يرمي المرء ينفسه في الشدائد إلا إذا كان الواقع مرا فيفضل الموت في عرض البحر على التهميش وسوء المعاملة أو عيش الذل في وطن عربي إلتجأ إليه ليحميه ، ليجد ظلم ذوي القربى ينغص عليه حياته ، ومن يوقف الهجرة الغير الشرعية هو وقف شلال الدم في سوريا وبسط الاستقرار في ليبيا وعودة الشرعية في مصر وتنمية إفريقيا وبسط العدالة الاجتماعية ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق