الاثنين، 25 نوفمبر 2013

لا تموتي يا أمي .....!



بعد مرور مئة يوم على فض اعتصامي رابعة والنهضة ، وما شهدهما من مجازر يندى لها جبين الانسانية ، لازال الصمود والثبات هما سيدا الميدان ، مكملين المشوار رغم الجراح ورغم فراق أحبة سكنوا القلوب ، وعز علينا فراقهم ، وكلنا يتذكر مشهد الطفل المصري الذي حرمته آيادي البغي صورة أمه الزاهية ، ينظر إليها وهي مخضبة بالجراح جثة هامدة بلا حراك ، ودمها الزاكي ينزف بغزارة يسطر ملحمة الصمود ، ويناديها بحزن عميق : إصحي يا أمي ، لا تتركيني يا أمي ، يبكي بمرارة وقد أرقه فراق أمه ، وقد أدمعت أيادي البغي مقلتيه واغتصبت البسمة من شفتيه ، حرمه الظلم حضن أمه الدافئ وبسمتها الغالية ، حرمته كلمة : ماما ..ماما..

يبكي بحرقة وكأن روحه قد انتزعت من بين أضلاعه ، حرموه القلب الحنون ، يتذكر ابتسامتها وهي تودعه عند ذهابه للمدرسة وابتسامتها الوادعة وهي تستقبله ،وهي تدعو له ، تذكر فرحة العيد التي جمعتهما ، وكيف قضيا وقتا طيبا سويا ، لا يصدق أنها فارقته ولن تعود ، وقد أضحى يتيما ، كلمة يتيم لا يستطيع أن يتجرع مرارتها الكبير فكيف بصغير وهو يحس أنه غدا مكسور الجناح ، هي الام التي تسهر الليالي ليرتاح ابنها هي التي لا تنام حتى تطمئن على فلذات أكبادها ، هي التي يؤرقها حزنهم وتجتهد لاسعادهم ، هي الام من تضحي بوقتها وجهدها لترسم البسمة على شفاه صغارها ، هي الصدر الحنون ، هي من تضم أطفالها في شوق وحنين وهم صغار وترنو للمستقبل وقد غدوا كبارا ، حتما سيتذكرها في كل ركن من أركان البيت ، وسيمر طيفها أمامه في الاحلام واليقظة ، فهي تسكن حنايا قلبه الصغير..

قد يتساءل ببراءة ، هل كانت أمي تحمل رشاشا أو بندقية ؟!! لماذا إذن اغتالتها أيادي البغي ؟!!
كانت تحمل حلمها الكبير بين جوانح قلبها ، لوطن رسمت معالمه في وجدانها ، وطنا يسوده العدل وتظلله السكينة والامن والامان ، تسعد في كنفه هي وأولادها ، ويظللهما فيؤه ، وطنا يرفل في جنان العدل والحرية ، دمعاته الحارقة التي سالت على خديه ساخنة ، هي نار ستحرق من اغتالها ، لن ينساها ، فهي من كانت له شعمة أضاءت دياجير الظلام ، ونور دربه ، وسند ظهره ، غادرته وهو في أمس الحاجة للمساتها الحنونة ، افتقد اطيب الخلق لنفسه ، أحس أن فيض الحنان نضب مع رحيلها ، يبكي ومن بين دموعه يقول : من سيضمني لصدره في حنان ، من سيعتني بي بعدك يا أمي ، اصحي يا ماما ، هي الام نبض الحياة ونبع الحنان ، تروي نفوس أطفالها حبا وحنان وعطفا وطيبة..

من فقد حضن الام فقد معه طعم الحياة ، فهي الام من تحتوي أولادها بكل حنان ورحمة ، فهي المعين الذي لا ينضب ، ستبقى ذكراها العطرة حية في قلبه الصغير ولن يمحوها الزمن ، صغير قد لا يسعفه فهم أن هناك حياة أبدية وجنة ستجمعه بها ، يعبر عن ما يختلج روحه من ألم وغصة لفراق أعز الناس لقلبه ، ويعبر عنه ببراءة الطفولة المعهودة والتي لا تعرف لا المجاملات ولا التنميق ولا رص الكلمات ، وحتى إن غاب الاحبة فسيبقى الحنين للقائهم متأجج في الصدور إلى أن نلتقي بهم في الجنة إن شاء الله ، هم أحبة تركوا بصماتهم جلية في واقعنا و نقشوا على الصخر أسماءهم وجادوا بأرواحهم الزكية وأناروا لنا درب الحرية ، فداءا لله ثم الوطن ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق