الأحد، 7 سبتمبر 2014

يا مصنع الرجال ..




انتصار غزة شاركت فيه كل شرائح المجتمع ، الصغير والكبير والمرأة والرجل على السواء ، كل في موقعه ،هي غزة أرض العزة والاباء ، خاضت معركة الحرية ببطولة وإقدام ، الابطال في الميدان يسطرون أروع الملاحم ، والحرائر يحرسن العرين ، هن السند وقت المحن ، هي الام والاخت والزوجة والبنت ، هي من تستقبل استشهاد ثمرة فؤادها بالزغاريد ، تزفه للحور العين ، صلبة المراس ، تودعه برباطة جأش ، كلها أمل ويقين أنها ستلقاه في الجنة بإذن الله ، هي من تزين ربوع فلسطين بمشاعل النور وقناديل الفجر ، تلقي على مسامعه كلمات الرضى ، ويلهج لسانها دوما بالدعاء له ، بأن يكلل الله جهاده بالنصر و أن يتوج جبينه الوضاء بنور الشهادة ..

تسدد خطاه بكلمات خالدة ، قدوتها في ذلك السيدة أسماء رضي الله عنها ، وهي تودع ابنها وتوصيه ، أن يموت كريما ولا يستسلم ، وأن لا يطلب الدنيا وأن يموت على الحق ، تشاركه في بناء مجد النصر ، بصربها بصمودها ،بتربيتها لابناءها ، جيل يحفظ الحق ويذود عنه ، ويحمل همّ التحرير ويعد له العدة ، ويكمل المشوار ، اعتقد المحتل أن الكبار سيموتون وأن الصغار سينسون ، بيد أن الكبار زرعوا في قلوب الصغار حب الانتماء لهذه الأمة المجيدة ، من بنت مجدها التليد بسواعد المخلصين ، حتى يحدو حدوها ، وزرعت فيهم حب الارض المعطاءة التي تجود بالغالي والنفيس ، شقّت لهم الطريق وعبدته بسلاح المعرفة والعلم والتشبت بالحقوق وعدم التفريط في شبر واحد من أرض الرباط ، حتى في الشتات، تحمل في فؤادها ذكريات الماضي ومفتاح العودة وترنو ليوم تحتضن فيه وطنها الغالي وتقبل ثراه الطيب ..

بقيت مخلصة للوطن الغالي وتعد أبناءها دوما ليوم النزال ، صانت الامانة وحفظت العهد ،واليوم أثمر جهدها نصرا تغنى به الاحرار ، ربت جيلا ظل وفيا لقضيته ، تدرك أن طريق النصر تبذل لأجله التضحيات الجسام ، تروي بدماءها الزكية الارض الطيبة فتغدو شجرة وافرة الظلال ،قوية لا تهزمها الجراح ولا تهزها الاوجاع ، تدرك أن الضنى غالي وأن الوطن أغلى ، هي من تنجب لفلسطين شموع تنير الدرب ومصابيح النور ، تصبر على رحيله ، حتى يُحمى الوطن ، فإن ضاع ضاع الامل وضاع الحضن الدافئ والملاذ الآمن ، بإبتسامتها المشرقة تبدد الظلمة وتعيد الامل للنفوس العليلة ، شامخة أنت لا تهزك ريح ، علمتي بنيك كيف يكونون للحرية عنوان وكيف يقاومون بجلد وثبات ، أنت رمز العطاء والطيبة ، قلب ينبض بالحنان ، تتحمل الصعاب ، لا تكل ولا تمل ، مجاهدة مرابطة كلها يقين بنصر الله ..

هي المخلصة الوفية تربي بنيها على النهج القويم ، تحفظ الامانة وترعى الاشبال ، تنشئهم على البذل والعطاء ، تدرك أن الوطن غالي ويستحق الفداء ، معين من العطاء الفياض لا ينضب ، تغرس في نفوسهم مكارم الاخلاق وحب الاقصى المبارك وتسرد على مسامعهم قصص الابطال من تزخر صفحات التاريخ بعطاءهم الفياض ، من بنوا عز ومجد الاوطان ، تتعهد أغصانها حتى يشتد عودهم ، فتثمر للوطن رجال الله ، تصبر على رحيلهم ، وتعد استشهادهم وسام فخر تستحقه وتعتز به وتفحر به، لك مني كل الاجلال والاكبار والتقدير .  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق