الخميس، 27 نوفمبر 2014

تقييم لحلقة الاتجاه المعاكس ..


عندما تصوت نسبة 89 في المئة على  قيام انتفاضة ثالثة في مقابل 10 في المئة ترفضها ، هذا يعني أن الشعب يغلي من الداخل ، ويرفض ممارسات المحتل ويطالب بالرد الطبيعي عليه ، بإنتفاضة عارمة ومدوية توقف صلفه ، غير أن التنسيق الامني حال دون قيامها كما عبر بذلك الكاتب ياسر زعاترة ، عندما ثارت الشعوب العربية على الاستبداد ، الشارع الضفي كان يرزح تحت القبضة الامنية للسلطة وهي من حرمته قيام انتفاضة ، تتناغم مع الجو السائد في محيطه ، وجاءت الحرب على غزة فرفعت بسالة المقاومة معنوياته ، وأعادت للضفة نبضها ، وما إن حلت التهدئة ، حتى عادت الاعتقالات السياسية على أشدها ، بل بلغ الحد منع مسيرات نصرة للاقصى والقدس ، هذه الاخيرة لازال الحراك فيها متواصلا وانتفاضة تطبخ على نار هادئة ..

سرد ياسر زعاترة مسيرة التفاوض العبثي ، والتي أدت لتغول المحتل والتفريط في الثوابت وما رافق ذلك من تنازلات مريعة ،كل حكومة تلغي ما اتفق عليه والحصيلة إهدار الحق الفلسطيني ، الراحل عرفات أراد في لحظة أن يجمع بين البندقية وغصن الزيتون ، غير أن من حوله شكلوا عقبة أمامه ، بل وكانوا حجرة عثرة أمام قيام أية انتفاضة في المستقبل ، وبعدها تآمروا عليه وازاحوه عن "طريقهم" ، في المقابل عاطف أبو سيف أشاد بثورة الشعب الفلسطيني المستمرة !! إن كان يتحدث عن جذوة الصراع ، صحيح هي لازالت متقذة ، أما إن كان يقصد انتفاضة  وثورة كالتي نعهدها ، فالواقع يناقض كلامه خاصة في الضفة، وطبعا يؤمن بكل أشكال المقاومة حسب ما قاله ، غير أن السلطة على الارض لها نمط واحد وشكل واحد تتخذه ولا تحبذ الاشكال الاخرى وحتى ما تعبر عنه بمقاومة شعبية تفسرها حسب مفهومها هي ، مقاومة لا تزعج المحتل !! بل ويقر أبو مازن بصريح العبارة أنه ضد قيام انتفاضة ويقول عنها ،أنها دمرت الشعب وينعتها بنعوت لا تليق ..

وحنظل المفاوضات بادي للعيان ، وناره اكتوى منها الشعب بعد عقدين من الزمن ، وجنت السلطة المليارات في البنوك وجنى الشعب السراب واحلاما لا أثر لها على الارض ، لأن على الارض المحتل يسعى لفرض الامر الواقع ، وتصريحات أبو مازن المستفزة في حق الانتفاضة والمقاومة المسلحة ، تناقض ما ذهب إليه الضيف من غزة ، وعزا الواقع المزري إلى شماعة الانقسام ، وهذا غير صحيح ، لأن الانقسام ليس وليد اليوم ، أوسلو ومفرزاته هي من شقت الصف الوطني وخلقت آفة إسمها التنسيق الامني ، أما لو أطلق العنان لانتفاضة عارمة توازي بسالة المقاومة في غزة ، وتتكامل الجهود ، لقوّت صف المفاوض والمقاوم ، وعلا سقف المطالب ولشكلت المقاومة أوراق ضغط للمفاوض أمام تعنت المحتل ..

 يطالب السيد عاطف أن تكون المواقف متفقة ومنسجمة ، وكيف سيتحقق ذلك ؟! وواحد يرفض الانتفاضة وكل أشكال المقاومة ، ويؤمن بخيار واحد ثبت فشله في حين رأينا كيف أن غزة طورت من أدائها المقاوم ،  غير أن أبو مازن كشف عن نواياه الغير السليمة ، حين وظف تفجيرات غزة ، ابشع توظيف وما ترتب عن هذا التوظيف من اجراءات تعسفية في حق غزة الصابرة والصامدة ، وبذلك زاد من اثخان جراح غزة والتي تعانى حصارين آثمين ، والخاسر الاكبر في هذه الاجواء المكهربة ، هي القضية الفلسطينية ، عدّ السيد عاطف ما تقوم به السلطة نواة للدولة ! لكن أمام أفعالها وتصريحاتها المريبة ، يحق للمرء أن يتساءل وما هو الثمن ؟!! هل الثمن إنهاء الكفاح المسلح ونزع سلاح المقاومة ولا دولة على أرض الواقع بل وهْم دولة ..

ما لفت انتباهي أن القاعدة الشعبية لفتح في غالبتها تتبعه ، وهنا يبرز جليا التخندق السلبي ، رغم أنه بأفعاله يقضي على نضال الحركة  ويعرض به ويسعى لتجميدها وينسف نضالها ، والحركة من دورها إن لم تستوعب أفعال الشنيعة للسلطة ليس في حق حماس ،حماس فصيل فلسطيني له وزنه في الساحة وهي مقاومة ، لكن خطر السلطة الاكبر يهدد القضية الفلسطينية برمتها ، فِعله لا يعادي فصيلا عدّه خصمه فقط ، بل يسلم القضية الفلسطينية على طبق من ذهب لعدو الكل ، ويسعى لبث في خلد قاعدته الشعبية أن المفاوضات وحدها من ستعيد الحقيقة وهذا هراء وخيال ، المفاوضات المثمرة مع مقاومة تتكامل فيما بينها هو من سيحفظ الحق .

من الوقائع على الارض تدرك أن المحتل وأذنابه في المنطقة ، يسعون لنزع سلاح المقاومة ،مقابل دولة ورقية لا وجود لها على أرض الواقع أو مقابل وعود وأحلام ، لذلك القاعدة الشعبية لحركة فتح مطلوب أن تدرك ما يضمره المحتل وأعوانه للقضية من شر ، والانكى ما أشار إليه ياسر زعاترة ، أن أبو مازن أوصد كل الابواب التي من الممكن أن تعزز الفكر المقاوم ، وشدد قبضته الامنية عليها ، بمعنى جفف ينابيع المقاومة ، وعلى مدار طويل من ممارساته ، شكل الوعي الضفي على مقاس الخيار الفاشل الذي اتبعه ، ولم تجني منه القضية غير البوار ومزيد من تغول الاحتلال.

أخطر ما جاء في اللقاء ، أن أفعال المشينة للسطلة تعد ثورة مضادة ، وطبعا ليست وليدة اليوم ، أسس لها أوسلو ، جاءت السلطة فاجهضت الانتفاضة وشقت الصف ، في الانتفاضة الاولى ، كل الاطياف شاركت فيها ، وثمارها عادت بالخير على فلسطين ، فقد أحيت القضية وانتبه لها العالم أجمع ،  السلطة تعمد لكَيْ الوعي الفلسطيني ، واشغاله بسفاسف الامور عن جوهرها ، حتى يخنع ويتناسى المسبب في همومه ، ألا وهو المحتل ، تخدير عن الواقع ..

وفي القدس التي تكاد تخلو من قبضة السلطة ، نرى حراكا ملموسا ومتواصلا ، وإن بقي على هذا النسق ، حتما سيطور أداءه ويطور في شكل المقاومة بإذن الله ، وأخطر ما ذكره ياسر زعاترة ما قاله أحد المحسوبين على السلطة ، أنهم خلقوا جيلا كاملا على التنسيق الامني في حين لم يحصلوا على أي شيئ!! يعني على الارض وإلا هم يقتاتون من هكذا وضع همهم مصالحهم الخاصة ، استغربتُ حين تناول السيد عاطف انتصار غزة وكيف أنه لم يُستثمر !! ومن يا ترى سعى جاهدا وبخطا خبيثة ، لحرمان غزة جني ثمار صمودها وانتصارها ؟!! تلكؤ حكومة التوافق عن أداء مهامها قبل وبعد الحرب ، واعمار غزة بطريقة السلحفاة ، وتماهي السلطة مع النظام الانقلابي في مصر ، ومنع اندلاع انتفاضة تسند غزة وو..

وكان آخر سؤال وجهه فيصل القاسم لكلا الضيفين ، عن الاوضاع الراهنة وهل هي مشجعة على قيام انتفاضة وهل ستكون لها داعمة  ومساندة ، ياسر زعاترة بدى متفائلا  كون الشعوب ستدعمها ولن تخذلها وستشكل رافعة للشعوب في ثوراتها ،غير أن عاطف أبو سيف له رأي مغاير ، على أي العالم لا ينتبه لصاحب الحق إلا إذا صدح بحقه،لأن الحقوق تنزع ولا توهب أو تستجدى ، وعلمتنا دروس التاريخ أن الاقصى هو من وحد الكل حوله من قبل ، وبإذن الله هو من سيوحدهم مستقبلا ، فهو معقل عز للعرب والمسلمين وقضية فلسطين قضية عادلة ورأينا كيف تضامن معها حتى الشارع الغربي ..

الحلقة كاملة :





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق