الجمعة، 13 فبراير 2015

سياسة الكيل بمكيالين ..



عندما كانت الامة تتمتع بالمنعة والعزة والاباء ، كانت استغاثة امرأة مسلمة كفيلة بأن يجهز لها المعتصم جيشا عرمرا لينتصر لها ويلبي نداءها ويرفع عنها الظلم والحيف ، هي الغيرة على الحرمات والشهامة والنخوة ،التي اتصف بها الاسلام وانعكست على بنيه أخلاقا راقية ، فزادتهم شجاعة واقداما ، اليوم تلام الضحية بدل معاقبة الجاني ، وبدل نجدتها ونصرتها ، وينكل بالحرمات في غياب حاميها ، وفي قصة لا تقل بلاغة ونورا وعزة واجلالا عن الاولى ، قامت غزوة محتدمة نصرة لامرأة مسلمة تطاول عليها يهودي في السوق ، فانتصر لها المسلمون وحموها ودافعوا عنها ،الامة العزيزة تعز أبناءها وتكرم أهلها وتذود عنهم وتزيح عنهم أي ظلم يلحقهم ، وترفع قدرهم ولا تقبل المهانة والمذلة أن تطالهم..

إذن ما نراه اليوم من استخفاف بدماء المسلمين هنا وهناك ، ماهو إلا انعكاس لما تعانيه الامة من ترهل وضعف وانتكاسة وانحطاط وصراعات زادتها وهنا ، وعندما تفشى داء الظلم بيننا تغول عدونا علينا وتجبر ، وحتما من نكل بالمواطن العربي في موطنه ومن يستهين بحرمته ومن يقتله بلا جريمة ، إلا أنه صدح بصوت الحرية ، مطالبا بحقوقه المشروعة ، أو عبر عن آرائه ومواقفه ، فهل سيهتز لمقتل أبرياء في الغربة ؟!!

قبل أن نستنكر موقف الغرب من الاحداث ، نظرة لمحيطنا العربي ، نظرة عميقة ومتفحصة ، لنرى كيف ينكل الاستبداد بالشعوب ، وبكل الاسلحة الفتاكة ، فالبعض في الغرب لم يتجرأ على التطاول علينا والاستهانة بحقوقنا وبدمائنا ، إلا عندما شاع الظلم بيننا ، عدا عن اعلام  يبث الكراهية ويغذي العنصرية ويزيد من شحن النفوس حقدا وغلا وغيظا على كل ماهو عربي وإسلامي ، فتتكون صورة مشوهة في الاذهان ، عملية غسيل دماغ وتصوير الاسلام بطريقة بشعة ، وحتما من يقف وراء هذه الافعال نفوس شريرة تحمل الحقد الدفين للاسلام واهله ، فيغدو بعض الغربيين آله صماء يصدق كل ماينفثه الاعلام التضليلي اعلام يقلب الحقائق بلا فلترة ، بل وينفذ جريمته البشعة بدم بارد ..

وعندما يقوم غربي بعمل إجرامي ، يعرضونه على طبيب نفساني ، وكأن (الاسوياء) عندهم ، منزهين من الاجرام !! وتناسوا أن ساساتهم ومن يقودونهم للهاوية ، أياديهم تقطر من دماء الابرياء ، أما إن كان الفاعل عربي ، تهمة الارهاب لصيقة به ، يُتهم دينه على أنه المحرض ، وتُحتل أرضه ويُضيق على الجالية المسلمة هناك ، وينظر للعرب قاطبة نظرة دونية ، يعني العربي في منظور البعض ، متهم حتى تثبت براءته !!

وطبعا النظرة الدونية والمجحفة في حق المسلمين ، ستنعكس بدورها على طريقة تناول الاحداث والكيل بمكيالين بعيدا عن الموضوعية ، تنفخ في أحداث وتهولها وتتبعها اجراءات تعسفية تطال المظلومين ، في حين تتجاهل أحداثا أخرى فقط كون القتلى مسلمين ، بل وتفسح مجالا واسعا تتناول فيه احداث فرنسا في حين مجزرة تشابل هيل لم تلق نفس الاهتمام ولم يفسح لها نفس الحيز ، وهذا انحياز ظالم لجهة دون اخرى ..
 استهجان واسع تلا احداث شارلي إيبدو ، ورأينا كيف أن الغرب والاستبداد في وطننا العربي وكل من يقتات من الاحداث ، وظفوا الحادث خدمة لمصالحهم ، مع العلم أن الصحيفة أقدمت على فعل منكر في حق مليار مسلم ، ومع هذا استهجن كل عاقل الاحداث لانها تضر بالاسلام وتشوه صورته أكثر مما تخدمه ..

عندما تداس كرامة العربي في وطنه ويستخف به وينكل به ويُجار على حقه ، فمن يا ترى سيحميه في الغربة ؟!! الامة العزيزة والعادلة هي من تدافع عن بنيها وتجعل لهم قيمة وقدرا ..
 ورأينا كيف هرول للمسيرة عرب حتى دون أن تكون لهم شروط مسبقة للمشاركة فيها ، شروط تحفظ كرامة العربي والمسلم ، واصطفوا لصف المحتل ، من عانت فلسطين من ارهابه لاكثر من ستة عقود ولازالت تعاني الامرين ..

هذه النظرة الدونية وهذه المعاملة المنحازة لجهة دون غيرها ،تصب في مصلحة من يضمر الشر لكل البشرية لا تخفى آيادي الحقد خلف تكوين هذه النظرة الظالمة والتي تجعل الاسلام كله فيه قفص الاتهام وهو بريئ من التهم الملفقة له ، الاسلام رسالة تقوم دعائمه على العدل ، وإلا كيف يرغي البعض ويزبد لاحداث بعينها ، في حين يتجاهل مقتل ابرياء بلا جريرة ولا ذنب فقط كونهم مسلمين ، حقا الاحداث التي وقعت في امريكا جاءت لتكشف النفاق الغربي وتعري بعض العرب من يستهينون بكرامة المواطن العربي ، عالم يكيل بمكيالين ، إن كان المقتول عربي فلا حس ولا خبر وإن كان غربي يجد كل الاهتمام ..!!




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق