الجمعة، 20 فبراير 2015

في معاقل داعش..!




بعد أن حاز السياسي والاعلامي الالماني يورغن تودنهوفر على صك أمان من زعيم داعش ، أمان على ماله وعلى حياته وحياة من يرافقه حتى يؤدي مهمته ، قرر التوجه لمعاقل داعش ، ومما زاد في اطمئنانه ، نشر مواقعهم لصك الامان ، غير أن انصار داعش اعتبروه صيدا ثمينا ، رغم أنه مناهض لسياسات الغرب ويريد أن يسمع من الآخر حتى تستبين له الصورة ، قطعا لا يحكّمون عقولهم ، تشربوا سياسة الانتقام ، فطالت حتى الابرياء ، يعتقدون بفعلهم هذا يرعبون الغرب ، وهم فقط يشوهون صورة الاسلام ، ويأخذون البريئ بجريرة الجاني والظالم .

ومع ما قرأه من سيل الترهيب ، ولغة الذبح التي اتسمت بها تعليقاتهم والتي تقطر دما ، قرر الذهاب ، انطلق من فكرة أن تسمع للكل ، وكونه قاض سابق يسعى ليتحدث مع كل الاطراف ، لبلوغ الحقيقة عن قرب ، كانت له مطالب غير أن داعش استجابة للعديد منها ولم تستجيب لبعضها ، ومن بين تلك المطالب التي لم تستجيب لها ، مقابلته للمدعو جون (الجهادي) ، وهو المكلف بقطع رقاب الصحفيين ،الغريب في الامر أنه بعد هذا اللقاء المثير ، انصار داعش ركزوا فقط على ما يوافق هواهم ، ولم يلتفتوا لحقائق جاءت على لسان الضيف ، وقد شاهدها في رحلته هاته وتحدث عنها..

عندما تقف على منطق انصار داعش ، تدرك حقيقة هامة ، عندما سالت الدماء وبغزارة ، ولم يجد المظلوم من ينصفه ، استغل مأسي هؤلاء من يضمر الشر للامة ، ووجدوا من يشحن شهوة الانتقام في نفوسهم ويغذيها ويبررها ، دون تفعيل للعقل أو معرفة مآل تلك الافعال الشنيعة ، وفي مصلحة من تصب ، تاهت النفوس ، وعندما ينكل بصوت المواطن ويرمى به في سلة المهملات ويزج به في مقابر الاحياء وو...حتما هذا سيدفعه لسلك هذا المسلك المجهول العواقب ..
مثل الطفل المحطم نفسيا أو من تعرض لظلم شديد ولم يجد من ينصفه ، يتحول لعدو نفسه ، فيسقط فريسة سهلة في أيادِ ضالة ، فينقلب لوحش كاسر يؤذي نفسه قبل أن يؤذي غيره ، لذلك التربية الايمانية السليمة تنير العقول ..

أول من يتحمل مسؤولية هذا المآل ، هم العلماء ، يحملون القسط الاكبر من المسؤولية ، علماء لم يحملوا الامانة كما يجب ، بل غدا بعضهم أبوقا للاستبداد ، من اصطفوا لصف الاستبداد ، أو تنكروا لشعاراتهم ، ورسبوا في امتحان الاختبارات والابتلاءات ، ونكصوا عن قول الحق في وجه الاستبداد ، تناسوا أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ، بل تماهى بعضهم مع الاستبداد ، فتركوا الساحة فارغة استغلها كل من يحمل الحقد الدفين لأمة الاسلام ، ويسعى لتشتيتها ، فالشباب عندما يفقدون ثقتهم في علماء يبصرون طريقهم ويصححون أخطاءهم ، حتما سيقعون فريسة سهلة في يد فئة ، تحشوا عقولهم بمفاهيم وأفكار هدامة، أو تستغلهم ، فيتيهون عن جادة الحق ..

عندما شكك في اسلامهم ، لا أدري حقا ماذا رأى في سلوكهم جعله يشكك في اسلامهم ، بل وصف أن ما يعيشونه ليس اسلاما!!  ومادام احتك من قبل بمسلمين في بلدان أخرى ووقف على حقيقة المسلمين وحقيقة الاسلام ، حتما ستكسبه دراية بسلوك المسلمين وأخلاقهم الحقيقية ويقارن بين هؤلاء وأولئك ، شباب قدموا من دول شتى ، من يبصرهم يا ترى بحقيقة الاسلام ويوعيهم ، وهذا ظهر جليا من قول أحدهم أن نبي الرحمة جاء بالسيف ، وتناسى لا إكراه في الدين ، هذا تجني على نبي الرحمة!! نبي الرحمة جاء بالحق ورحمة للعالمين ، على حسب كلام الضيف ، جمعهم أمر واحد ، احساسهم بسياسة التمييز نحوهم ، كونه مسلم يعيش في الغرب ، هل هم مسلمون أسلموا مجددا ، ولا يعرفون حقيقة الاسلام ، وإلى ما يدعو له ، أم هم ابناء عرب ولدوا في الغرب ، وعانوا التمييز والاقصاء، هذه نقطة لم تفهم جيدا .

كما قالوا يعمدون لابراز البشاعة القتل ، حتى يروعوا قلوب اعدائهم ، وتناسوا أنهم بفعلهم هذا شوهوا صورة الاسلام المشرق ، الاسلام يقارع المعتدي ولا يتلذذ بمنظر الدماء ولا "يتفنن" في القتل بشكل سادي ، ولا يقتل ابرياء ، حسب قولهم يستدرجون الغرب لمقاتلتهم ، بينما الغرب يوغر قلوب العرب ويشعل فتيل الحرب ويؤجج نار الانتقام بينهم ، لا يفهمون أن الحماسة الزائدة والجسارة في القتال ، لا تقل عن فهم الواقع ، ونور البصيرة ، فغدوا بذلك وسيلة في يد كل من يضمر الشر للامة ، فتحولوا لادوات لتحقيق مآربهم ..

فمن خلال حديث الضيف ، من السهل اختراق داعش ، استسهال إراقة الدماء وزهق الارواح البريئة ، الجهاد ليس انتقاما وتدميرا ، الجهاد على نور و بصيرة هو حياة وتعمير الارض بالخير ، وتعميم الفضائل ، قال الضيف أن هؤلاء خطر على الغرب وعلى الاسلام ، إلى الآن هم يشكلون خطرا على الاسلام ، يشوهون صورة الاسلام المشرق ، منطقهم : من ليس معهم فهو ضدهم ، هذا منطق بوش الصغير ، الغرب يقتل ويبرر مجازره ، وهم أيضا يبررون بشاعتهم ، يتعاملون بنفس منطق الغرب ، وهل الغرب غدا قدوتهم ؟! الغرب يحارب الاسلام السياسي من خلال غض الطرف عن جرائم الاستبداد ، وداعش تعد من آمنوا بالديمقراطية وسعوا لها ، هم أيضا أعداؤها!! ..

يوازون بكم الارواح التي ازهقها الغرب وكم قتلوا هم ، وتناسوا أن قتل نفس واحدة بغير وجه حق ، فكأنما قتلت الناس جميعا ، لذلك إزاحة الاستبداد وانصاف المظلوم وتقديم الظالم للمحاكمة ، هو من ينهي داعش ، وإلا تفشى قانون الغاب ، لان محاربتهم مع إبقاء البيئة التي تنمو فيها بشاعتهم ، لن يجدي ، بل سيذكي نارالصراع ، ويزيد اتباع فكرهم الغير السوي ، ويزيد المنضمين لصفوفهم ، إعادة الثقة للعدالة وانصاف المظلوم ، وعودة العلماء لدورهم الريادي في اصلاح حال الامة ، والوقوف مع خيار الشعوب في الانعتاق من براثن الاستبداد هو الحل ، ومعلوم أن طول المحنة السورية ، والاحتلال الامريكي للعراق هو من مهد لظهورهم ، حين قسم العراق قسمة ضيزى بين أبناء الوطن الواحد ، بدل دق طبول الحرب وافناء بعضهم البعض إعادة الحق لاصحابه ، لان المستفيد قطعا عدو الامة، والتطرف دوما يولد التطرف ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق