السبت، 24 فبراير 2018

مسلسل قيامة أرطغل ..



مسلسل قيم أنصحكم بمشاهدته ، يختلف كثيرا عن مسلسلات مستوردة لا تعدو كونها إبر تخدير ، تحاول أن تنسي المشاهد واقعه الأليم عدا كونها بعيدة عن قيمنا ومبادئنا واعرافنا وثقافتنا وتقاليدنا كشعوب مسلم ، وتختلف أيضا عن مسلسلات حسب البعض تعكس الواقع! مع أن المشاهد يتطلع للحل والدواء الناجع لمشاكله وليس ابراز عاهات الواقع كما هي ! المشاهد يرنو لنموذج راقي للإقتداء به ، فكرة المسلسل قيمة ومضمونه راقي ورسالة هادفة ، وحتى مقاطع رومانسية تتخلله ، تتسم بالطهر والعفاف و الرقي ..

مسلسل يستحق المشاهدة ، يجمع ما بين الشهامة والبسالة والمروءة في أبهى صورها ، مع سمو الهدف ورقي الفن ونبل رسالته ، علاوة على الإخلاص والوفاء وحفظ العهد والدفاع عن المظلوم وحمايته ، كل المثل العليا تجسدت فيه ، الحرص على الأمانة مهما توالت الخطوب ، وعدم التفريط فيها ، لم يخذلوا من استئمنوا عليهم ولم يسلموهم لإعدائهم ، مع أنهم دفعوا أثمانا باهضة في حمايتهم ، وفاء منقطع النظير لشيم وخصال وقيم وتقاليد القرية وعدم التخلي عنها ولو في أحلك الظروف ..

كل حلقاته متميزة ، وتجسد تميزه خاصة في حلقته الثالثة عشر ، ظهر فيها بطل المسلسل أرطغل وهو في رحلته المحفوفة بالمخاطر ، متوجها لحلب أخذا معه ضيوفه الكرام والذين حلوا ضيوفا على قريته ، للإطمئنان على سلامتهم هناك ، لأن بقاءهم في القرية فيه خطر شديد على حياتهم ، أثناء الرحلة وفجأة ظهر شباب من قريته ، رفض قتلهم أو مواجهتهم أو قتلهم ، طالبا منهم العودة للقرية ، كان يدرك أنهم مغرر بهم ، وقد استعملهم من يضمر للضيوف وللقرية شرا ، رفض ارطغل أن يقتلهم أو الإضرار بهم وواجهم بدون سلاح حتى يتجنب سفك دمهم ، فهم في النهاية أبناء قريته ..

يدرك أرطغل أن في قتلهم شماتة للإعداء بالجميع ، في المقابل هم أرادوا الفتك به وقتله ، إلا أن ارطغل تمكن منهم هو ومرافقيه ، أوثق أيديهم بالحبال وتركهم أحياء ، وبذلك أفشل مخططهم في النيل منهم ، أو من ضيوفه الذين تحمل حمايتهم حتى بلوغهم مرفأ الأمان ، إلا عندما جاء عدو الجميع الحقيقي الصليبي الحاقد ذبحهم كالنعاج ، مع أن أيديهم مكبلة وهم عزل ، أبقى على احدهم حتى يخبره وجهة ارطغل ، وبعدها تسلى بمقتله تم ألحقه برفاقه وبعد السخرية منه ، درس بليغ نستنتجه من خلال فكرة هذه الحلقة ، أن أعداء الأمة يستعملون بعض بني جلدتنا ، حتى حين يستنفدوا منهم أغراضهم يلفظونهم ..

نموذج سيئ ممن عطل عقله وباع ذممه وشلّ تفكيره ، مصيره أن يتخلص أعداء الأمة منه بعد أن تنتهي صلاحيتهم ، بعد أن يستغلهم أعداء الأمة أبشع استغلال لتحقيق مآربهم بالإضرار بمصالح الأمة ، الملفت للنظر أن العم الذي أعماه طمعه للسلطة ، يتحالف مع ألد أعداء القرية ، من يضمر الشر للجميع ، فإذا حقق العدو مراميه وماكان يصبو إليه لن يرحم من امتطاه بالأمس لتحقيق مآربه ..

اضعاف قوة القرية بغية تركيعها ودفعها للإستسلام ، ودعم العدو للعم الطامع للسلطة له ثمن ، وسيفرض عليه العدو سياسته التي تخدم مصالح هو لا مصالح القرية ، وكما أزاح من أعدهم خصومه ، حتما سيأتي بمن يمرر سياسته بحذافيرها ويكون أشد ولاءَ من العم وأشد شراسة على أهالي القرية ، ويزيحه بنفس الطريقة التي ازاح بها خصومه ، لذلك وحدة الصف وعدم ارتهان القرار لعدو هو من يقوي القرية ويحمي نسيجها ، حتى تكون صلبة المراس في مواجهة الأخطار ، واهم من يعتقد أن العدو سيكون لصفك ، فهو يدعمك بقدر ما يحقق مصالحه لا غير ..

وهكذا سقطت الأندلس ، استعانة ملوك الطوائف بالصلبيين في حروبهم الطاحنة بين بعضهم البعض ، لحماية امتيازاتهم وكراسيهمويبقون على ترفهم  ، تأججت الصراعات وحلت الصراعات ، حتى تم اضعاف وانهاك الجميع وتبددت قوتهم وتم العصف بجهدهم ، وبذلك تغول عدوهم عليهم جميعا ، وهذا ما تتجرع مرارته المنطقة وتكتوي بنيرانه ، حروب طاحنة تذيب قوة الجميع ، والمستفيد الأول هم أعداء الأمة ..

الجسد عندما تنخره الامراض وتفتك به وتنهك قواه ، يفقد مناعته ويكون مرتع للأوبئة والمكروبات ويتعرض لكل الفيروسات التي تمزق أوصاله وتفتك به ، وهذا ما يتعرض له جسد الأمة وبعدها يكون من السهل مهاجمتها واستهدافها والنيل منه ..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق