الأربعاء، 16 يوليو 2014

قراءة في المبادرة المصرية ..




إن كان هدف المحتل من شن عدوانه على غزة هو إيقاف صواريخ المقاومة ، فهذا لم يتحقق ولازالت المقاومة مستمرة وقد بلغت عمقه ، وعندما يفشل المحتل في تحقيق هدفه ، فالمقاومة هي المنتصرة وهي من يحق لها وضع شروط وليس العكس ، طبعا لا نتحدث عن عربدة المحتل واستهدافه للمدنيين ، فهذا ديدنه عندما يفشل في تحقيق مراميه يصب جام حقده على العزل ، يستهدف الحاضنة الشعبية للضغط من خلالها على المقاومة ..

وأمام هذا التصعيد الخطير ، المقاومة معنية بالرد على جرائم المحتل ، حتى تحقيق شروط تهدئة مرضية للشعب الصامد ومقاومته الباسلة ، ترفع عنه العدوان وتكسر عنه الحصار ، أما ما يُشاع إعلاميا عن مبادرة مصرية صاغتها زمرة انقلابية تشارك في الحصار ولازال أعلام الردح وأعلام التحريض ينفث سمومه ويكيل الاتهامات جزافا للمقاومة فالشك والريبة هو من سيعتريها ، خاصة توقيتها وهل ستصب في صالح الشعب الفلسطيني الذي يعاني مرارة الحصار والعدوان ..

  ومطلوب أكثر من وسيط  حتى يكون شاهد على أي تهدئة تطرح على أصحاب الشأن ، حتى إن تلكأ الراعي المصري يجد من يقف بحزم لخروقات المحتل ، فقد رعت مصر اتفاق وفاء الاحرار وعندما خرقه المحتل لاذت بالصمت ولم تحرك ساكنا..

والمطلع على المبادرة يقف على عوارها واجحافها ، فقد ساوت بين الجلاد والضحية ، بين عدوان المحتل وبين مقاومة تصد العدوان ، وتناست أن المعتدي احتلال غاشم ، بنى كيانه على ظلم اصحاب الارض الاصليين ،المبادرة تصب في صالح المحتل لذلك سارع بقبولها ،من الاجحاف أن تسمي مقاومة المحتل وصد عدوانه بالاعمال العدائية ،  هذا مصطلح معيب ومجحف في حق المقاومة ، فكيف يصدر من وطن عربي تجمعه وفلسطين روابط شتى ويشكل عمقه ، مطلوب مساندته وحفظ حقوقه، مصر في ظل الانقلاب أضحت غير محايدة بل محابية ومنحازة لصف المعتدي ،مقاومة المحتل مشروعة مادام هناك احتلال وحصار ، تحدثت مايسمى بالمبادرة عن فتح المعابر مقابل استقرارالاوضاع ، المحتل هو من يبدأ بالعدوان والمقاومة في حالة الدفاع عن شعبها ، والمقاومة تحمل مشروعا تحرريا تقاوم احتلال دام ستة عقود ومادام هناك احتلال فالمقاومة باقية حتى زواله ..

ومتى كان الوسيط هو من يضع شروطا ؟!! المفروض المعني بالشأن ومن هم في الميدان هم الاحق بوضع البنود والشروط ، ويتم مشاورتهم والاتفاق معهم وبعدها اعلان المبادرة ، الغاية من الاعلان بلبلة الشارع الفلسطيني ، وإظهار المقاومة بمظهر الرافض ، أو فصم العرى بين المقاومة وحاضنتها الشعبية ، غير أن الشارع الغزي متناغم مع مقاومته وملتف حولها ويتمنى أن تتوج التضحيات بتهدئة ترفع عنه المعاناة ، وليس تهدئة عبر مبادرة تعمل تحت طياتها الغاما ..

أمام هذه التحديات أضحت مصر راعي لا يعتمد عليه ، ومن هلل للانقلاب ومن دعمه هو من يتحكم الآن في أدواته ، الانقلاب يشدد الحصار على غزة حتى في ظل العدوان ولا يفتح إلا نادرا ، أضحى معبرا للاذلال وهذا ما يرفضه الشعب  ، الذي يقدم التضحيات ليحيا حياة كريمة ، مساندة الشعب الفلسطيني الذي تسطر مقاومته أروع الملاحم هو من سيحمي الحقوق وليس التآمر عليه وعلى مقاومته أو التفكير في تجريده من سلاحه ، المبادرة جاءت لتقطع الطريق عن وساطات جديدة قد تكون أكثر حرصا على حماية الحقوق ، لأن مصر الآن لها موقف مخزي من المقاومة وتنعتها في وسائلها الاعلامية بأبشع النعوت ، لذلك لن تكون محايدة والمحتل وجد في المباردة ذريعة جديدة لتصعيد عدوانه في ظل رفض المقاومة ، بل واعطت المبادرة غطاءا للمحتل ..

إن شاء الله لن تضيع التضحيات سدى وستكون زادا للصمود والثبات حتى تحقيق شروط مرضية ، الشعب لا يريد معابر تساومه على قوت عياله أو معبر يغلق في وجهه أو يفتح حسب مزاج من يتحكم فيه ، لذلك كان ضرب معبر كرم أبو سالم رسالة للمحتل ، لا لتركيع غزة ، يرسلون من خلاله الحليب وآلات الحقد تقتل الاطفال !! غزة تحتاج لتفعيل المنفذ المائي حتى تتواصل مع العالم من خلاله ، وقد يحقق لها كل ما تصبو إليه وقد تستغني ولو جزءيا على المعابر البرية ، وكسر الحصار عن غزة بشكل كلي سيرفع عنها المعاناة  ..

المحتل يريد أن ينجز من خلال المبادرة المطروحة ما لم يحققه بالقوة والغطرسة ، وكأنها جاءت لتسرق نصرا كانت ستجني ثماره المقاومة من خلال صمودها الاسطوري وعملياتها النوعية التي فاجأت الجميع  ، المبادرة عبارة عن رسالة تهديد تنضاف لرسائل سابقة ، مصر في ظل الانقلاب فقدت بوصلتها وتسير عكس التيار ، فلسطين تحيا في ضمير ووجدان الشعب المصري بل وفي قلوب كل شعوب الامة ، ويعرف من هو العدو الحقيقي الذي يهدد المنطقة برمتها ، أما من يتباكى على الدماء الزكية التي تسيل على ثرى غزة الغالي ، فهو من يغلق معبر رفح وهو من يجرم المقاومة وهو من يشارك المحتل في عدوانه ،إما سكوتا أو تضييقا على الشعب أو تواطؤا، لسان حال الصامدين على أرض غزة أرض الرباط : إما تهدئة ترفع المعاناة أو مقاومة وصمود حتى النصر ، بعون الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق