الثلاثاء، 29 يوليو 2014

غزة رمز العزة والإباء ..



كنت سأكتب عن أول أيام العيد في غزة ، وعن أجواءه التي غابت عنها ،وعن مظاهر الاحتفال بالعيد التي اختفت ، وعن الحزن الذي لف غزة وعن مشاهد مروعة ، دامية ، صادمة ، تذيب القلب كمدا ،يعجز اللسان عن وصفها ، وعن أمة المليار من يلوك لسانها معاني الاخوة ونصرة المظلوم ، ولا تجسدها على أرض الواقع إلا فيما نذر وعن عيون تورمت من الدمع على أحبة سكنوا القلوب ، وعن قوافل الشهداء التي تدمي القلب على فراقهم ، وعن مجالس العزاء وعن شعب يُودع أحبته في حرقة وألم ، أحبة كانوا بالامس القريب يتحلقون حولهم ، يغمرونهم بكل عطف وحنان ومحبة ، يؤنسونهم بابتساماتهم العذبة الوادعة ، يخففون عنهم النكبات والاوجاع ، أغتالتهم آيادي الغدر ، بسلاح المحتل وبتواطؤ وتخاذل وصمت القريب والبعيد ..

كنت سأكتب عن شعب عانى الخطوب ردحا من الزمن ، وذاق مرارة الوجع وألم الغربة عن الوطن وعن قلوب انفطرت ألما وحسرة على فراق الاحبة ، عن شعب كل جريرته أنه فلسطيني ترنو عيونه لوطن حر أبي يحيا تحت ظلاله وينعم بخيراته ، وطن تغلغل حبه في ثنايا روحه ، وطن تغمره الراحة والطمأنينة في كنفه ، وطن كريم ينعم في حضنه بالامن والامان ويتنسم عبير الحرية في أرجاءه ، عن شعب ينافح بكل جسارة ليذوق طعم الحرية ، فجاءت بشائر المقاومة الباسلة تترى لتشفي الغليل ، وتجدد اليقين وتعزز الثقة بنصر الله ، إبداعات المقاومة تشفي الصدور وتبهج الروح وتفرح النفس وترفع المعنويات وترسم البسمة على الشفاه وتمسح سحنة الحزن وتشحذ الهمم وتقوي الشكيمة ..

بطولات المقاومة تضمد الجراح وتخفف العناء وتداوي الآلام  وتُسكِن الجراح ،قال تعالى : إن كنتم تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله مالا يرجون ..
وهذه هي الغاية الاسمى للمؤمن ، يرنور إلى إحدى الحسنيين ، إما نصر يعيد مجد الامة أو شهادة يسمو بها قدره يوم القيامة وتثقل ميزانه ، وتَرفع مكانته ، بسالة المقاومة تُشعر المكلوم أن حقه محفوظ وأن هناك مقاومة جندت روحها وكل إمكانياتها للذود عنه وحمايته والدفاع عنه ، هي غزة من ترضع الاشبال معانى العزة والكرامة والشهامة وتقوي الازر وتعزز الصمود ، فتغدو الاشبال أسود الميدان ، مع كل ابداعات المقاومة تهتز غزة فرحا ويهتز معها كل غيور ويعلو التكبير ، بإذن الله غزة لن تنكسر ، ولن تنهزم ، ولن تفت في عضددها المحن ، ولن ترفع الراية البيضاء ولن تنحني إلا  لخالقها ، وشكرا على فضله الكريم ، وحين ترفرف رايات النصر  خفاقة، بإذن الله..

هي المقاومة فخر الامة وعزتها وتاجها ، تجدد العزم وترسخ الصمود وتمحي النكسات وتعيد كتابة التاريخ بدماء أبطالها وصمود شعبها ، من يسطرون أروع الملاحم ، زغردي يا أم الشهيد هاهي المقاومة تتأثر لك ممن أوجع فؤادك وحرمك فلذات أكبادك واغتصب من بين جوانحك فرحة العيد ، هي المقاومة تعيد الامل للنفوس وتربطها بخالقها وتزرع في خلدها معاني صافية ، لتنتظر الفرج القريب ، ولتصنع المجد للامة بسواعد الابطال ..

 ومن غزة استلهمت الشعوب الثائرة أبلغ الدروس ،فكان الربيع العربي ، ثورات كسرت جدار الصمت وتخطت حاجز  الخوف ، فتكالب عليها القاصي والداني وعرقل تحررها ، وغزة اليوم بصمودها وثباتها تعيد الامل للنفوس المكلومة ، لتنهض من جديد وتنفض عن كاهليها غبار الاستكانة وتستعيد ثورتها من جديد ، وتبنى مجدها بسواعد بنيها المخلصين وبمعاول الخير ، وتواجه الشدائد والمحن بسلاح الصمود والاصرار والصبر وتتحدى الخطوب ، لتحقق النصر المنشود بإذن الله ، غدت غزة أمل المستضعفين في الارض..

ولأن قضية فلسطين قضية عادلة ، بل ويتجلى العدل في أبهى صوره فيها ، حق في مواجهة باطل محتل غاشم ، فمن يساند تحررها من أغلال الاحتلال وبراثن الظلم ويرفع عنها العناء ، هو نفسه من يحترم حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة ، ومن يهاجمها ويناهضها ويضيق عليها ، هو نفسه من ينكل بحريات الشعوب ويعمل على وأد حلمهم في التحرر ، معركة العصف الماكول توافق معركة الشعوب التواقة للحرية والانعتاق من براثن الظلم والبغي ، نصر غزة هو نصر لتلك الشعوب المكلومة التي تقارع الاستبداد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق