الخميس، 10 أغسطس 2017

القدس تنتصر ..




يا أيها الملك الذي لمعالم الطغيان نكس :: 
جاءت اليك ظلامة تدعو من البيت المقدس
كل المساجد طهرت :: و أنا على شرفي أدنس

بهذه الأبيات الشعرية استصرخ الأقصى نخوة الناصر صلاح الدين لنصرته ، أبيات أوقدت الغيرة في النفوس العزيزة ، وحشدت الهمم ، فهب لنصرته ولم يكل ولم يمل ولم يهدأ له بالا ، حتى انتصر له وكسر قيده وحرره من براثن الظلم ، وطهره من أردان الحقد ، وأعاد له بسمته التي غابت عنه قرابة المئة سنة ، ورسم الفرحة على محياه ، فاستعاد بهجته وألقه ووهجه وهيبته وأنفته ..

واليوم عاد الوجوم يخيم على ساحاته وسحنة الحسن بادية على محياه ، وأبناؤه بين مهتم ويؤرقه حاله ، إلا أنه عاجز عن نصرته نصرة حقيقية ، ترفع عنه العناء وتعيده لحمى الأمة ، يقوم بما في وسعه حتى يبقي على جذوة الصراع متقدة ، وبين عاق بدل جلدته وتنكر لقدسيته وصافح مغتصبه وسلم له بسكوته المريب عن مصابه الجلل ، وبغضه الطرف عن جرائم الإحتلال بحقه ، وتآمر على مقاومته ونكص عن نصرته وآخر غير مكترث لحاله وغير مبالِِ لما يُحاك له من شر وما يُضمر له من مكر..

إلا أن هناك ثلة مؤمنة صابرة وصامدة وثابتة ، تحمي الأقصى بصدرها العاري وتذود عنه وتستميت في الدفاع عنه ، لا يضرها من خذلها ومن تقاعس عن نصرتها ، لازالت على العهد وفيّة للأقصى ، لم تخن الأمانة ولم تفرض ولم تبيع ولم تضيع ، منها خرج آل الجبارين إسم على مسمى ، قديما ارتعدت فرائس اليهود خوفا وخشية من الدخول للمدينة المقدسة لأن فيها قوما جبارين ..
كانوا جبارين وهم على الكفر ، فكيف إن كانوا على ورع وتقوى وإيمان ونخوة وعلى أرض مقدسة تبارك ملاحمهم ، بإذن الله سيكون النصر حليفهم ..

أراد الإحتلال استغلال عملية الأقصى والتي جاءت ردا على تنديسه اليومي واجحافه بحقه ، اعتقد أن الفرصة قد حانت وأن الجو قد خلا له ، للإستفراد بالأقصى وفرض سيادته عليه وتمرير مخططاته بحقه ، فالأمة في وضع مزري ومهترئ ، وقد نخرتها صراعاتها وقد حورت بوصلتها ، وفي خضم جراحاتها وما تعانيه من أوجاع ارهقتها لن تهتم لمقدساتها وأن المقدسيين باتوا بلا ظهير ولا سند ولا معين ، وسيستسلموا للأمر الواقع الذي حاول المحتل فرضه عليهم ، فقام بإجراءاته التعسفية بحق الاقصى ، فكانت النقطة التي أفاضت الكأس ..

العكس هو الذي حصل ، لم يرضخ المقدسيون للأمر الواقع ووقفوا سدا منيعا في وجه الإحتلال للحيلولة دون تمرير مراميه ، ولسان حالهم يقول ، أن نصبر على بعده وهو مهجة القلوب وسكن الروح وبلسم للجروح أياما و أسابيع ، أفضل من أن نذعن للمحتل ونضيعه للأبد ، لا قدر الله ، وعلى صخرة صمودهم تحطمت كل المؤامرات وفشلت مخططات المحتل ، بسالة المقدسيين وصمودهم على حقوقهم رفع المعنويات واستنهض الهمم واستنفرت كل فلسطين قواها لنصرته وتفاعلت جموع الامة مع الأحدات وإن لم ترقى في مجملها لتضحيات المقدسيين ، إلا أنه كان لها تأثيرا ، حتى بقاعا تنزف جروحها لم تنسَ مقدساتها وكانت لها الكلمة في الدفاع عنها ونظمت المسيرات نصرة لها  ..

عزيمة المقدسين التي لا تلين وإرادتهم القوية فوتت على المحتل مآربه وأعادت الأمل للأمة واحيت القضية ، وأعادتها للواجهة وصححت بوصلة الأمة التي تاهت ، انتصار المقدسيين ودخولهم لباحات الاقصى المبارك مكبرين ومهللين وساجدين شكرا لله ، ذكرانا بأمجاد الامة التليدة ، ستبقى تلك الحظات المشرقة خالدة تروي ملاحم وبطولات المقدسيين ..

نصر دونه تضحيات جليلة ، وكله يهون فداء للأقصى ، اسرجوا قناديل الأقصى دما ، فأينع النصر ، كيف ينطفئ من أسرج بالدم ، مشاهد عزة ومنعة وكرامة لا تنسى ، خلدوا للعالم أروع وأبهى صورة في التعاضد والتآزر والتلاحم والاخوة والتكافل بوحدتهم خلقوا النصر ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق