الثلاثاء، 30 يوليو 2013

الربيع العربي في خطر ...




استبشرت الشعوب العربية خيرا بربيع ضخ دماء الحرية في شرايينها وأزاح ظلم الاستبداد ، وفضح نفاق الغرب الذي طلما غنى للديمقراطية وهو من كان يدعم المستبدين ويجمل صورتهم أو يغض الطرف عن سياساتهم المجحفة في حق شعوبهم ما داموا يحفظون مصالحه ، وحين أحس الغرب بالمركب ستتجاوزه ركب الموجة وانهالت كلمات رنانة على مسامع الثوار من قبيل حقوق الانسان وحق الشعوب في اختيار مسارها والعيش بكرامة وغيرها من شعارات رنانة ، رأيناه اليوم كيف انقلب عليها قبيل الانقلاب العسكري في مصر وظهرت للعيان نبرة أخرى للغرب تحابي الانقلاب وتغض الطرف عن مجازره وما تلاه من اجراءات تعسفية قوضت الحرية ونالت من حقوق الانسان وعصفت بالشرعية واهدرت الكرامة وو..

بعد الربيع العربي دشنت الشعوب بداية حرة ، وسعت للاستحقاقات رغم التحديات والمتاريس التي اعترت المسار وبعد جهد جهيد وبعد الوقوف على السكة الصحيحة ، جاءت النكسات وجاء الانقلاب في مصر ونُسف كل ما سبق وأن تحقق ، وتأزم الوضع ، لا يختلف المشهد الليبي والمشهد التونسي عن المشهد المصري ، ما يقع في تونس متزامن مع الانقلاب في مصر ، وكأن حركات التمرد لا تنشط إلا في دول الربيع العربي !!

أو هناك من يسخرها لتمرير مآربه تمهيدا لعودة الاستبداد ، في تونس وبعد أسابيع ماضية من الهدوء ، جاء اغتيال البراهمي الذي كان يشغل نائب بالمجلس التأسيسي فعصف الحادث بتونس وهز هدوءها وعكر صفوها وزعزع استقرارها ، استغله البعض للاطاحة بالمجلس التأسيسي واسقاط الحكومة ! ونسف كل ما تحقق وعودة لنقطة الصفر ، وكان أولى التريت والهدوء ومطالبة بتحقيق شفاف يحفظ نسيج تونس من التمزق ، فأي حدث وقع ، لتعرف الفاعل ، اسأل نفسك من المستفيد حتما ستقف على الفاعل ، المستفيد من الحادث هم اعداء الثورة حتى وإن تصدر المشهد غيرهم بعلم منهم أو بدون علم ، فحتما المستفيد من الاحداث هم من يريدون أن يقوضوا المسار الديمقراطية ويستنسخوا المشهد المصري في ليبيا وفي تونس ، لا قدر الله

وسمعنا نبرة غريبة بدت تعلو : أن هناك من تسلق الثورة خدمة مصالح حزبية وو..!! وهذه التصريحات لن تخدم الثورة أو تُحِلل الاستقرار ، بل ستزيد المشهد تعقيدا ، ونفس التصريحات التي كانت تُروج في مصر ، وحتى دون انتظار ما تسفر عنه التحقيق بدأت الاتهامات لتيار بعينه وبدأت الملامة دون بينة أو دليل ، وتحميله المسؤولية ، لماذا الحادث تزامن مع أحداث مصر ولماذا تتلبد السماء وتشحن الاجواء ، بعد أن مضى القطار في سكته الصحيحة رغم التحديات ؟!!

تصريحات الداخلية التونسية لا تبشر بخير بدأنا نسمع نبرة عن انقسام الشعب تعلو في تصريحاتها ، بين مؤيد ومعارض ، باتت الشرعية في دول الربيع العربي على المحك ، رغم أن المجلس التأسيسي كان قد اقترب من انهاء مهامه ولم يبق إلا القليل ،لكن بعد الاغتيال ، أعقبه انسحابات منه وهذا لا يبشر بخير ، صحيح أن طبيعة الجيش التونسي ليس كالمصري ، هذا الاخير له وجود في كل المرافق ، لكن مقتل مجموعة من الجيش التونسي تعود بذاكرتنا لمقتل مجموعة من جيش مصر وكأنما الفاعل واحد ، وإن اختلفتِ الوجوه الفاعل هو الذي يسعى لافشال المسار الديمقراطي وعودة الاستبداد ، لا قدر الله ، فأمام التحديات إن لم يكن هناك لصوت العقل آذانا صاغية ، حتما الاوضاع ستزداد تأزما ، وفي ليبيا المشهد لا يختلف عن تونس ، اغتيالات واعمال عنف ، هل أعطى المشهد المصري لأعداء الثورة ، انتعاشا ليعود الاستبداد !!!
المشهد في تونس منقسم ، هناك مؤيد للمشهد المصري وهناك معارض له

والدولة العميقة لازالت تشتغل والجهاز الذي كان يغذيها لازال قائما وفي مصر عاد ليشتغل ، ومعلوم أن النظام البوليسي هو من كان يقمع الثورة وهو من أذاق الشعوب الويلات ونكل بهم وقمع حرياتهم ، تصريحات الداخلية في تونس مريبة ، المفروض أن لا تشيع الانقسام أوتجعله امرا واقعا بل تكون في مسافة قريبة من الجميع ، وتدعم المسار الديمقراطي فهو صمام أمان لحفظ الثورة ، ومتابعة الاعلام حتى لا يجند كسلاح يجهض الثورة كما الاعلام المغرض في مصر فهو ضالع في الانقلاب وشيطنة كل شريف ..

الثورة الحقيقة هي من تسعى لاستئصال الفساد من جذوره وتبعد كل من صفق للاستبداد وكل من له قوة يمكن أن يوظفها في إعادة الاستبداد ، هذا الاخير سمم الاجواء وخلق طغمة متنفذة تحرق البلد ، همها مصالحها لا غير ، الثورة لن تغير تفكيرهم بين عشية وضحاها قد يواكب الثورة وقد يحني رأسه حتى تمر الموجة وحين تحين الفرصة يعود في توب آخر ، ليشن ثورة مضادة ، من يريد أن يستنسخ المشهد المصري فهو يمهد لعودة الاستبداد ، وإن لم تستوعب الشعوب الثائرة الدرس فالربيع العربي في خطر وإن عاد الاستبداد سيكون أشرس ، ومع كل هذه الغيوم المتلبدة والسحب السوداء، فالمواطن العربي رفض أن يعود لعيشة الذل والاستعباد والمهانة ومتمسك بخيار شرعي ديمقراطي سعى له لتحقيق الحرية والكرامة والعدالة ولن يحيد عنه ، إن شاء الله ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق