الأحد، 22 أبريل 2012

أمة تلبس ما لا تنسج

عندما يدبّ الضعف في أي حضارة ويطول سباتها وتتوقف عجلة التطور ليدها وينخرها الفساد هنا تضعف مناعتها وتصبح مرتعا لكل دخيل لأنها وببساطة فقدت حسها ولم تبتكر سبلا لصدّ أي غزو مهما كان نوعه فالتحصين والإنتباه لأي ثقافة دخيلة لهي الخطوة الأولى نحو إستقلالنا إستقلالا حقيقي ..

فالمواطن العربي ينظر لنفسه أنه أقل من الآخر نظرة دونية إكتسبها من تكدس سنين التبعية فخلقت في نفسه هذا الشعور فتجد الشاب العربي يتفنّن في تقليد كل ما هو غريب عن قيمنا وأخلاقنا من طريقة الأكل والمشرب وحتى اللباس ..

بل تجد حتى تسيرحة الشعر يقلدها بطريقتها الغريبة فقط لأن الممثل الفلاني قام بها وحتى اللغة العربية تستغيث لربها فقد أدخلوا عليها كلمات ليست منها هذا كله نتاج السقوط الذريع للأمة ويوم أن كنا في القمة كان هذا الغرب الذي يجري وراءه شبابنا لاهثين لتقليده في كل شيئ كان يأتي ليتعلم اللغة العربية والآن لغتنا تحتظر ..

ففي وطننا العربي تجد الشاب يقلّد الغرب في اللباس دون أن يبدي أي أعتراض يقبل كل ما يعرض عليه حتى وإن كان اللباس لا يوافق قيمنا ومبادءنا وحضارتنا وتجد الأسواق غارقة بهذه الأنواع من الألبسة التي لا تمت لأصالتنا بأي صلة بل قد تجدها فاقدة للذوق فقط لأنها عنوان للمثل الفلاني أو البطل العلاني .

فتجد شبابنا يتهافتون عليها دون وعي منهم أن هذا الأمر هو أيضا عزو لكن من نوع آخر وهنا سؤال يتبادر لذهننا لماذا تغرق الأسراق بهكذا ألبسة ولماذا لا ننسج ألبسة توافق ثقافتنا وتمتاز بالحشمة والوقار ؟؟ ولماذا أصبحنا أمة مستهلكة لكل رديئ ؟؟

نقلّدهم حتى دبنا في ثقافتهم دون أن نشعر بل الأدهى من ذلك حين يرتدي الشباب ألبسة دون أن يعي ما كتب عليها فقد تحتوي على عبارات مخلة للأدب أو كلمات قبيحة أو إساءة فجهله يجعله لا ينتبه وكم من فتاة تعلق في عنقها سلسلة تحتوي على كلمات لو أدركت معناها قطعا لما علقتها ..

وأحيانا تكون تلك الألبسة المستوردة من الغرب تفتقد للتناسق أو ضيّقة في حين تغيب الألبسة المحتشمة والشرعية حتى الحجاب ميّع أحيانا فقد أصبح يثير أكثر مما يستر وهنا حقا نتساءل لماذا قلّدناهم في أشياء تفقدنا شخصيتنا في حين لم نقلّدهم مثلا في صعودهم القمر في تطوير البحث العلمي والإبتكارات والإختراعات لماذا أخدنا منهم الرديئ ونفضنا أيدينا من الأشياء التي ستنفعنا وسيكون بها تقدمنا ورقيّنا ؟؟

وهذه الألبسة التي غزت الأسواق وتلقفها شبابنا دون إكثرات لعواقبها تجدهم في الغرب لا يلبسونها لعلمهم بمضارها أصبحت أسواقنا للأسف تمرير لكل ضار دون تمحيص حتى أن أي لباس يريدون أن يجربوا منافعه ومضاره يجربونه في الأسواق العربية فأضحينا حقل تجارب ..

حتى أن في وقت من الزمن تكلّ من البحث فلا تجد إلا ألبسة تخالف هويتنا وتقافتنا وحين تسأل هل يوجد البديل يجيبك البائع بالنفي وأن هذا هو الموجود لا غير ..

حقا البائع هو أيضا يتحمل جزء من المسؤولية والجزء الأكبر على المعنيين بالأمر ولا يعفى الشاري من المسؤولية هو أيضا فلو نشرنا ثقافة الرفض وأجتهدنا لخلق لباس يوافق قيمنا ورفضنا الألبسة التي تخالف مبادئنا لتغيّر الحال فالرفض الشعبي له صيت ويسمع صداه إن هو إستخدم بطريقة صحيحة وفي مكانه حتى لا ندوب في ثقافتهم وهذا فقط إنبهار بالغرب شكلا لا مضمونا أخدنا الضار وتركنا النافع ..

ومعلوم أن الشركات تطمح فقط للربح لا يهمها خسارة الشباب فالواجب أن نوعي أبناءنا ونخلق في نفوسهم مقاومة كل دخيل ونحصنهم ضد أي إختراق وضد أي مستورد ونفهّمهم أن هذا نوع من الغزو ونزرع في نفوسهم منذ الصغر عدم الركون لكل ما يعرض ..

والغرب يريد لشبابنا حياة الترهل حتى يصل لمبتغاه فينخرنا الضعف وبذلك يسهل عليه تمرير سياسته خطوة خطوة فالأولى أن نقاوم ما يعرض علينا إن كان فيه خطر علينا ونأخذ الطيّب ونرفض الخبيث ونلبس ما ننسج وما يوافق ديننا وحضارتنا وقيمنا أما لباس الغير فما هو إلا سلخ عن هويتنا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق