الثلاثاء، 19 فبراير 2013

العلاقة المثلى بين القائد والأتباع ..


إنسان أجتماعي بطبعه ، فلا يستطيع أن يعيش وحده أو في معزل عن الناس ، فهو يسعى لإيجاد مجموعة يجد فيها مبتغاه أو تحمل نفس أفكاره أو لها نفس أهدافه ، تكمل كل نقص فيه وتقوي كل ضعف فيه ، فقد يبلغها في وقت وجيز وقد يتيه لوقت وقد يطول به البحث إلى أن يجد غايته ، المجموعة الفاعلة ليست غائبة عن المشهد بل لها مهام منوطة بها ، تخلق بذلك تكامل بينها وبين القائد ، قد يكون القائد امتاز بقدرات ومهارات أهلته للقيادة وقد يكون اكتسبها أو شكلتها عدة عوامل ، فالقيادة نوعان قد تكون صفات جبل عليها مكنته من القيادة أو مواهب سقلها بتجارب من سبقوه في هذا المضمار ، بالإحتكاك بقادة كبار أو اكتسبها من خلال الممارسة ، مع تقييم خطواته وتصحيح الأخطاء والإستفادة منها وأخذ العبر والدروس من التاريخ فهو حافل بالمشاهد والأحداث ..

مهمة القائد أخذ القرارات بالمشاورة مع الأتباع ، الآراء السديدة للأتباع تصحح المسار وتقوي المجموعة ككل ، فالعلاقة المثلى بين القائد والأتباع تكون بالتعاون والإنسجام ، لأن التنافر بين القائد والمجموعة مدعاة لإنهاك القوة والضعف ، لا يستفرد برأيه ولا يستبد بقراراته بل تكون العلاقة مبنية على الإستشارة والإستفادة من طاقات الجميع وتوظيفها للرقي بالمجموعة للقمة ، التعاون يفضي للنجاح ، بعد تشكيل المجموعة والتوافق على القائد من المهم تسطير الهدف الأسمى ، وكلما كان الهدف واضح كلما كان العمل متقن

بل وتوفر كل جهدك لتبلغ ، ولن تكثرت بالمحن ، تحديد الهدف يمكنك من تحدى كل المتاريس والعقبات ، مع التجديد في آليات العمل ، فلا تركن لطريقة استعملتها ولم تبلغك هدفك ، جدد بحيث تبث روح التفائل وروح الفاعلية في المجموعة وتنشط من جديد ، لا يكون همك بلوغ الهدف من أقرب أو أقصر الطرق دون تمحيص ودراسة مستفيضة ، فالمهم هو بلوغ الهدف والأهم أن يكون الطريق الذي سلكته طريق مدروس سلفا ، مهمها طال المشوار حتما ستصل إن شاء الله للهدف المنشود مع إخلاص النية والعمل الدؤوب ..

هناك نماذج عديدة من القادة وعلاقتهم بالأتباع لكن النموذج الأرقى هو القائد الملهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وعلاقته بالصحابة الكرام رضوان الله عليهم :

القائد الفذ في غياب أتباع أكفاء :

التعاون بين الأتباع والقائد يخلق قوة تحدي ومجابهة الصعاب ، فلا يكفي أن يكون القائد يمتاز بهمة عالية بيد أن الأتباع لا يواكبون همته بل عرقلوا سيره وكانوا عبءا عليه وقوضوا نجاحه ، ليس معقولا أن تكون ذا أهداف عالية ومن تقودهم لم يبلغوا وعيك ، حتما سيخذلوك في أحلك المواقف ولن تجدهم في وقت الشدة ليشدوا من أزرك ، ستفتقدهم حين تحتاج إليهم ، موسى عليه السلام كان قائدا فذا ، لكن الأتباع لم يبلغوا رقيه وعلو همته ، ابتلي بشعب ألف الإذلال لم يستفيد من سني العبودية وينفضها عنه كاهليه ويمسحها من صفحاته ، كان قائدهم ينشد لهم الحرية ، مهما ارتقى تعامل القائد معهم لم يزدهم إلا نكوصا وعنادا وتصدية ، وخذلوه في مواقف عدة ، وقابلوا نعم الله عليهم بالجحود ، فلا غنى للقائد عن أتباع أشداء يكونون له نعم العون ، ينصرونه في المواقف الصعبة ويسدون له النصائح ويتحدى بهم كل المصاعب ، هذا كان نموذجا عن القائد الفذ مع أتباع ليسوا في مستوى نضجه وإدراكه وعلو همته ..

نموذج آخر خاطئ للقيادة :

المستبد الذي يشل إرادة أتباعه بسياسته الرعناء ويضعف قواهم بقراراته الغير المحسوبة ، مثال على ذلك فرعون ، لا أريكم إلا ما أرى ، مزق الأتباع وفرق الشمل ، خلق فئة انتهازية مستفيدة ، بطانة سوء تصفق لكل شاردة وواردة واستعبد البقية ، يتصدى لكل صوت خالف إرادته ، بطانته تزين له كل الأفعال ولا تنصحه ليصحح مساره فهي تقتات من هكذا وضع ، غيّب صوت الشعب ونكل به ، فكان مآله ومآل حاشيته الهلاك .

النموذج الأرقى للقيادة :

كان الرسول عليه الصلاة والسلام نعم النموذج الأرقى للقائد الفذ والأتباع الصناديد الأشداء ، كانوا حواريه ، كانوا قادة أكفاء خلف قائد كفؤ ، يجدهم حين يطلبهم ، بايعوه على الشهادة ، صبروا معه على شظف العيش ، لم تبهرهم الدنيا بمباهجها ، لم يركنوا للعاعتها ، وكانوا له نعم السند ، خاض معهم كل مسالك وعرة ، لم يخذلوه في المواقف الصعبة ، حملوا معه راية الحق وخففوا عنه ثقل الأمانة ، ركبوا جميعهم سفينة التحدي ساروا جميعا نحو العلا وكانوا له نعم الجند ، كان يضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، يرفع معنواياتهم يمنحهم ألقابا تميزهم وترفع مكانتهم يكن لهم كل احترام وتقدير ، تكاملت قوتهم فخلقت قوة جابهت كل طواغيت الأرض ، مثال حيّ على العلاقة المثلى بين القائد والأتباع تجسد في خلق طرازا رفيعا ، متجانسا رفعوا صرح الإسلام عاليا خلقوا مجمتعا متماسكا ، بروابط متينة بلغ شعاع ونور الإسلام آفاق واسعة ، كان معهم في الغزوات يوجههم بآراءه السديدة لم يتخلف عنهم ، عملوا لهدف واحد حتى حين رحل القائد ساروا على نهجه لم يبدلوا ولم يغيروا ، تعلقوا بالهدف الأسمى وادخروا له كل جهد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق