الاثنين، 16 يونيو 2014

على خلفية عملية الخليل ..


جاءت عملية الخليل في ظل وضع فلسطيني مرير ، بعد الانقلاب في مصر وبعد قمة عربية مخيبة للآمال ، لم تحمل لفلسطين ولو بصيص أمل ، بدل حل يخفف الحصار، رأيناهم يستجدون الحل ممن زرع هذا الورم في جسد الامة ، بل ونفضت دولا عربية يديها من القضية برمتها ، وجاءت العملية بعد حراك متواصل يرتفع مستواه مع كل مستجد ، وينتقل بالعمل المقاوم من خطوة لخطوة ، لم يتبنى المسؤولية عن العملية أي فصيل ،في حين تبناها تنظيم داعش الوهمي !! ووعي الشعب الفلسطيني ومعرفته بطريقة عمل هذا التنظيم سيفوت عليه وعلى من وراءه مبتغاه ..

فقد تكون الغاية من تبنيه العملية ، واحدة من الاثنين ، حتى يدفع الفصيل المنفذ للتعريف عن نفسه ، أو حتى يجد هذا التنظيم الوهمي حاضنة ، وخاصة أن العملية لاقت استحسانا في أوساط الشعب الفلسطيني ، وبعدها نرى الفوضى وقد عمت الضفة وبدل توجيه السهام للمحتل ، اغراق الضفة في الفوضى لا قدر الله ، فلسطين لها مقاومتها الباسلة ، فقط تتحين الفرصة لانجاح أي عمل وقد رأينا تحركها في معركة حجارة السجيل ، المقاومة موجودة ولها حاضنة وتعمل وفقا لما تمليه الظروف تحسبا لاوضاع الضفة فهي بين كماشتي المحتل والسلطة  ..

العملية نوعية ومتقنة ، والوقت الذي وفرته بين التنفيذ واكتشافها كاف لطمس معالمها ومحو أي آثار  لها وحتى بلوغ مكان آمن ، العملية رسالة للمستوطنين أنه لا مكان لكم بيننا ولا أمان لكم على أرضنا ، وتهدف لتحريرالاسرى إن شاء الله ، وإن تمت وكللت بالنجاح ستعطي دفعة قوية للضفة لاستعادت روح المبادرة وتخطي الهزيمة النفسية التي عرقلة العمل المقاوم لزمن وقد تتوج بعمليات مماثلة تشل تفكير المحتل ، العملية تتخطى تحرير الاسرى لتحرير الضفة ، وكل الظروف مواتية لاشعال انتفاضة ثالثة ، وخاصة أن الاوضاع المحيطة مشجعة ، صحيح أن المحتل يستغل الضعف العربي الذريع ،وانشغال كل ساحة بهمومها ،لبسط هيمنته وفرض الامر الواقع وخاصة ما يتعلق بالمسجد الاقصى المبارك وأيضا في مقدور المقاومة أن تستفيد من المحيط الذي يغلي ، وتستثمر العمل المقاوم ونقله لخطوات متقدمة ،وعلى إثر هذه العملية النوعية ، المحتل فقد صوابه وقام بعمليات اعتقالات كبيرة ، فهو يدرك أن تهديد امن الصهاينة معناه مغادرتهم الضفة ..

الفلسطيني يئس من مؤتمرات عربية وقمم متكررة لم تحمي حقة ولم تصونه ولم تحمي المقدسات ، ويئس من سلطة وقد أضحت أداة في يد المحتل مكبلة لا سقف لها ، فقط مفاوضات عبثية ، فالكل تركه فريسة لحصار خانق بل وبلغ الامر التآمر على المقاومة ، وخذله من تبنى القضية ، فتحرك ليحمي حرماته ويدافع عن حقه في العيش بحرية ، جيد أن تسعى لتحرير الاسرى والاهم تحرير الضفة ، مادامت الضفة تحت نير الاحتلال ، حتى وإن حررت الاسرى حتما المحتل سيعيد الكرة ويأسرهم ، الضفة اليوم تتطلع لما هو أكبر من تحرير الاسرى ، إعادة روح المقاومة ، المحتل يسعى لخنق الضفة بعد الانتهاء من بناء جدار الفصل العنصري ، بل يسعى لتصفية القضية ، لذلك تحرك الضفة اليوم أمر إيجابي ، وسيربك حسابات المحتل ، المحتل يسعى لوأد العمل المقاوم في المهد فجاءت العملية النوعية لتشل تفكيره ..

أما العالم الذي يكيل بمكيالين انتفض لاختطاف ثلاثة وتناسى آلاف الاسرى القابعين في سجون الاحتلال وتناسى معاناتهم ومعاناة ذويهم وهناك أسرى قضوا زهرات شبابهم خلف القضيان جريرتهم أنهم دافعوا عن حرماتهم وعن ثرى فلسطين وذادوا عن مقدسات الامة ، من قام بالعملية في هذا الوقت الحساس يدرك أهمتيها ، المحتل يضع يده على قلبه ويتوجس خيفة من أن تبلغه شرارة محيطه ، محيط مشحون لن تبقى الحرب الدائرة محصورة في سوريا أو العراق ستبلغ المنطقة ولن يكون المحتل في منآى عنها ، وأية حماقة سيرتكبها تجاه غزة ستكون وخيمة العواقب ، في ظل محيط يغلي كما أسلفنا ،  لذلك نراه يفرد عضلاته على الضفة ويستبيحها ويطلق تهديداته ، زمان كانت ترسانته هي التي تتحدث على أرض غزة ، وأما اليوم تهديد ووعيد وتردد في الفعل مخافة ردات الفعل ..

الركون للوضع الراهن في الضفة معناه الموت البطيئ أما تحريك الشارع سيعرقل ما يخططه المحتل للضفة ،الانتفاضة معناها انقاذ الضفة من سيناريو رهيب يعده المحتل لتصفية القضية ،وضع الضفة يخالف وضع غزة ، غزة لها عمق عربي قريب ولها منفذ بحري أما الضفة محاصرة وإن حاصرها بالجدار العنصري كتم أنفساها لا قدر الله ، لذلك العملية جاءت في وقتها حتى تعيد للضفة نبض الحياة وتحيي العمل المقوم وتقابل وهم السلام الذي لم يحمي حق ولم يعيد أرض بل تواطأ على القضية ويسعى لوأد العمل المقاوم في غزة بدل الضفة ، من خلال التضييق على المقاومة بل وبلغ حد تجريمها ، والتآمر عليها ،مصير واحد يجمع شقي الوطن ، فأي تصفية للقضية في شق سيلقي بظلاله القاتمة على شقه الآخر ، وأي حراك وفاعلية في شق الوطن معناه دفعة قوية وتحرك وإحياء القضية من جديد ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق