الأربعاء، 16 مايو 2012

أم جبر ...أم الغوالي ...أم الأسرى

أم جبر ...أم الغوالي ...أم الأسرى
]

هي أم الغوالي حكاية كفاح وصمود كلما نظرت إليها شدّك الحنين لكلماتها الطيّبة وروحها الشفافة حكايتها ترويها بهدوء ويقين جاءت من قرية بيت عفا حملت هموم الوطن معها لم ولن تنسى قريتها الوادعة ولا الأيام الخوالي التي قضتها فيها تتنقل بين مروجها وبيارات البرتقال وأشجار الزيتون وشدى عطر الزهور ..
ولازال الأمل يشعّ في روحها فالعودة قريبة إن شاء الله فقد غرست حب الوطن في قلوب بنيها الأسرى وقوة تحدي أدهشت الكل صبر وجلد قلّ نظيره تحمل ذكريات الوطن دوما ويمتلكها حنين وشوق له ..

تحكي قصتها يوم أن إرتحلت من قريتها وهي تحمل بين دراهيها طفلها إبراهيم رحلة تركت في قلبها جروحا لن تنسى ومع طول المسير أثقل كاهلي إبراهيم الصغيرتين فودّعها ورحل وجاءها وليد آخر مثل القمر سمته إبراهيم لكن شاءت الأقدار أن يلحق أخاه فكان إيمانها أقوى من الصخر وجلدها لا يتزعزع مثل الجبال صبرت واحتسبتهما عند الله بعدها جاءها وليد فعادت إليها إبتسامتها العذبة فسمته جبر لأن الله جبر خاطرها به ترعرع أمام ناظريها كانت له الأم الرؤوم إحتظنته بكل عطف وحنان أعددته للصعاب من يوم ولدته وإذخرته للوطن ..

إلى أن جاء يوم وأعتقل جبر مع باقي إخوته وحوكم أمام عينيها بحكم قاس مدى الحياة لم تهن لم تهدها المفاجئة أو ينال منها المصاب بل أطلقت زغرودة أدهشت الجميع حتى تبعث في نفوس الأسرى القوة وحتى لا يستكينوا لاي ضعف ..

تجملت بالصبر كانت أما رحيمة مع كل الأسرى كان حنانها مثل البلسم عليهم فهي من ذاقت لوعة بعد الأحبة فكان أمّا لهم وخاصة المبعدين عن وطنهم وحضي الأسير اللبناني سمير برعاية خاصة من هذه الأمة الطيبة بل وبزياراتها كلما زارت الأسرى إعتبرته بمتابة إبنها الثاني ومن هنا بدأت الحكاية...

حكاية نضال أم الغوالي أم جبر فستصبح أما لأربعين أسيرا عربيا في السجون بل وحفّزت أهل القرية وحثتهم لزيارة الأسرى ولسان حالها يحكي : هؤلاء خيرة الشباب دافعوا عن وطننا فلسطين وضحووا بسنين عمرهم من أجل قضيتنا العادلة فكيف نبخل نحن عليهم ولو بزيارتهم ومسح دمعاتهم ونكون لهم الأهل ونحيطهم بالعناية ونستجيب لحاجياتهم ونكون لهم الأهل والأحباب في غياب أهاليهم ..

أم جبر أم طيبة متواضعة وفي نفس الوقت حازمة وقوية فقد جعلت من قضة الأسرة شغلها الشاغل حفزت الناس على البدل والعطاء تحملت كل المشاق حتى تلبي طلباتهم المتواضعة لم تبخل عليه بشيئ من جهدها وطرقت كل الأبواب حتى تتعرف عن أحوالهم وتشد أزرهم وتحثهم على الصبر لقد قامت بواجبها نحوهم على أحسن حال ..

كانت تطيّب خاطرهم بكلماتها الوادعة المنبعثة من قلب أم ودود لا تتكلف في الكلمات فكلماتها بسيطة تخرج من القلب لتلامس حنايا القلب وتنفذ له. صريحة قسمات وجهها تكشف عن طبيعتها الطيبة وعنفوان عال لباسها تلمس منه عنوان الوطن ويحكي قصتها فلسطين أصيلة قلبه يحمل كل المشاعر الجياشة وألأحساس الفياضة حتى غدت نبعا للعطاء والحنان.

ويوم الزيارات حين يأتي العائلات لرأيت أحبتهم ويبقى الأسرى العرب بمفردهم لا من يزورهم تأتي هي بطبيعتها الكريمة وحنانها الفياض وقلبها المفعم بالرضى وفؤادها الذي يشع حنانا وطيبة فتكون لهم البلسم لجراحاتهم وتمسح عنهم معاناتهم وحتى حين عادوا لبلداهم ظلت ذكراهم محفورة في وجدانها لم تنساهم قط فهي أدركت أن الأسر في حد ذاته آلام ومعانات ويزيده عذابا بعدهم عن الأهل والأحبة فكانت هي أمّا لهم عوضتهم حنانا أمهاتهم وكانت لهم الصدر الحنون يبثون لها شكواهم وتخفف عنهم آلامهم ..

لم تتعب قط وهي تمارس دورها في التخفيف عن الأسرى بل كانت مثالا حيا في التفاني والتضحية عاشت لهم أكثرمما عاشته لنفسها أم جبر قل نظيرها في الأمهات قلبها النابض بالحنين للوطن جعل منها صبورة ومكافحة وقلبها الكبير بكل ما يحمل من حب للوطن وبما يحمله من آيات الشكر والعرفان لشباب ضحوا بزهرات شبابهم حتى يحيا الوطن كريما أكسبها إحتراما وتقديرا من كل الأسرى ..

لن ينسوها مهما طال الزمن وسيحتفظون لها بأعذب الذكريات فقد ملأت حياتهم حنانا وحبا وإكراما ..
لك مني أغلى التحايا يا أم الغوالي أم جبر

هناك تعليقان (2):