الخميس، 22 مارس 2012

بين الخوف والرجاء

عندما يصف الله أهل الجنة في القرآن الكريم بأرقى أعمالهم وأجل صفاتهم تحدو المؤمن رغبة أن يكون منهم وأن تشمله رحمة الله وعندما يصف أهل النار وقد وصفوا بأسوء أعمالهم وأشدها غضبا لله هنا يحدوه الخوف أن يكون منهم ولعياذ بالله..
والحكمة في ذلك أنك إذا تأملت في صفات أهل الجنة وعرضتها على حلك رأيت نفسك دون ذلك المقام وتلك الصفات التي أهلتهم لذلك المقام وفي المقابل عندما تستقبلك آيات وصفات أهل النار وعرضتها على حالك تحدوك رغبة أنك لن تكون منهم إن شاء الله خصوصا إذا وصفوا بأسوء أعمالهم فيراودك الأمل أن لا تكون منهم وتبقى هكذا بين حالين تشدك رغبة وتخيفك رهبة..
فتجتهد أن تلحق درب المؤمنين وتعلو بإيمانك أن تكون من أهل الجنة وتعلو بسعيك عن حال الكافرين ..فعندما نقرء قوله تعالى في من إستحقوا جنانه عباد الرحمان هؤلاء من جمعوا كل الصفات النبيلة والاخلاق الحميدة التي أهلتهم لنيل رضى الله والفوز بالجنة قال تعالى:

»وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً والذين يبيتون لربهم سجَّداً وقياماً والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً... والذين لا يشهدون الزور وإذا مرّوا باللغو مرّوا كراماً والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعمياناً والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقَّون فيها تحية وسلاماً خالدين فيها حسنت مستقراً ومقاماً«
فعندما تقرء صفاتهم تعرضها على حالك فتتسائل أين أنا من هؤلاء صفات جليلة رفعتم وأعلت مكانتهم وفي المقابل إذا قرءت قوله تعالى:
﴿كلُّ نفس بما كسبت رهينة* إلا أصحابَ اليمين* في جناتٍ يتساءلون* عن المجرمين* ما سلككم في سقر* قالوا لم نكُ من المصلين* ولم نكُ نطعم المسكين* وكنا نخوض مع الخائضين* وكنا نكذّب بيوم الدين* حتى أتانا اليقين﴾
فإذا رجعت تقارن نفسك وأصحاب هذه الصفات لم تشك أنك أحسن منهم وطاف بك أمل كبير في إلا تكون منهم وهكذا حال المؤمن بين الخوف والرجاء .فنحن عندما نقرء القرآن علينا إستشعار معانيه ونحس أنها واقع محسوس وهكذا كان حال الصحابة عندما يقفون عند آيات العذاب تقشعر أبدانهم ويفزعون وعندما يقفون عند آيات الجنة ونعيمها تشتاق أرواحهم لها وكأنهم يرونها رأي العين وكأن نعيمها ماثل أمام ناظريهم وكأنه يخاطبهم فيختلج في قلوبهم معان كثيرة من خوف ورجاء وحسن ظن بالله والطمع بالجنة ...زار يوما رسول الله عليه الصلاة والسلام عمر بن الخطاب في مرضه فقال له :كيف تجدك يا عمر قال عمر : أرجو وأخاف فقال عليه الصلاة والسلام ما أجتمع الرجاء والخوف في قلب مؤمن إلا أعطاه الله الرجاء وأمّنه الخوف ...
فمن رجى شيئا حث الخطى على طلبه ومن خاف شيئا فر منه فقد كان عمر ذو منزلة كبير عند الله وعند أصحابه ورغم ذلك كان يقول .لو نادى مناد من السماء ياأيها الناس إنكم داخلون الجنة كلكم إلا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا هو ولو نادى مناد أيها الناس إنكم داخلون النار إلا رجلا واحدا لرجوت أن أكون أنا..
وهذا حال المؤمن الصالح بين الخوف والرجاء..
قال الله عز في علاه: كانوا يدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين.
اللهم أجعلنا وإياكم منهم ..اللهم آمين


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق