الخميس، 29 مارس 2012

أجمل الأمهات أم الشهيد....بقلمي







ككل صباح وكعادتها فتحت أم نضال نافذة بيتها لتتنسم عبير الصباح وتنظر للأفق البعيد سارحة بخيالها نحو الفضاء الفسيح هناك وراء تلك الأسلاك الشائكة التي تفصلها عن وطنها كل يوم تمني نفسها بالعودة القريبة فقد هدّها إسم لاجئة وغدت تقض مضجعها كلما حنّت للوطن وأشتاقت له.

وطنها جنة خضراء مروجه الفيحاء ينبعث شدى عطرها من بعيد وشدى الورود ينعش الفضاء ويطرق مسامعها هديل الحمام الذي غادر وطنها منذ أن غادرت البسمة وطنا جريحا طار الحمام مخلفا أعشاشا تبكي فراقها ..

أم نضال لم تنسى وطنها قط فلسطين فإن كان الناس لهم وطن يعيشون فيه فوطنها يعيش في حنايا قلبها وللعودة حنين لن يغيب ..
وفي هذا الشعور المفعم بالحنين والذكريات إذ بها تحس بإنقباض في قلبها وزادت ضرباته تعلو وأحتقن وجهها وسالت دمعاتها على خديها حارة حين تذكرت يوم أن غادرت فلسطين ألم ظل يلاحقها ولن تغيب الذكريات أو تمحى فهي محفورة في القلب ..
تركت كل شيئ وراءها كانت طفلة صغيرة تحتضن دميتها التي تشكو لها أحزانها..
الكثير قضى في تلك الليلة وهي نجت ممن نجى فظل الجرح الدفين يطاردها حتى في أحلامها التي أضحت كوابيس ..

لاتحتفظ بأي شيئ من ذكريات بيتهم إلا مفتاحه واليوم أم نضال أم لأربعة أبناء كل يوم تجلس بينهم أكبرهم إسمه نضال تلقي على مسامعهم حكايا أبطال قريتها وكيف فضلوا الشهادة على ثرى فلسطين على أن يرحلوا عنها ..

في كل ليلة تفتح أم نضال صندوقا صغيرا أخفت فيه مفتاح بيتهم وتقول لولادها : إن أنا متّ قبل أن أعود لموطني فوصيتي إليكم إحملوا رفاتي وأدفنوها في قريتي حتى يضمني ثرى فلسطين ..

الكل هنا سئم سكنى المخيم لا يعرف معنى سكنى المخيم إلا من عاش فيه المخيم يفتقر لكل شيئ ما هو إلا موت بطيئ ولكنهم صابرين حتى يفرجها ربنا..

في يوم ذكرى النكبة جدد شباب المخيم العزم وشدهم الحنين لفلسطين فقرر نضال وبقية الشباب أن يتخطووا الحدود بقلب صلب جامد وكانت فرحة تغمره وتغمرها وكان يتمنى أن يعود لكي يحكي لأمه كيف دخل فلسطين ؟وكيف قبّل ثراها ؟ وكيف أغاض مغتصبي البسمة والفرحة لكن نضال لم يعد كما وعد أمه الغالية..

إنتظرته طويلا حتى جنّ الليل وإذ بها تسمع صوت الله أكبر الله أكبر يعلو شيئا فشيئا نضال إستشهد كانت إبتسامة النصر مرسومة على قسمات وجهه ألقت أم نضال نظرة عليه وضمته لصدرها وقالت والدموع تخنقها لن أقول لك وداعا بل إلى لقاء في جنة الخلد إن شاء الله

كانت تحبه كثيرة فهو مهجة فؤادها لكن ذلك اليوم أضفى الله عليها صبرا وجلدا قل نظيره كانت تتمتم بكلمات خافتة وهي تمسح الدماء الزكية عن جبينه الوضاء الطاهر : هذا هو الوطن يا بني غال ونفيس أغلى حتى من أرواحنا..




هناك تعليق واحد: