الثلاثاء، 1 أكتوبر 2013

إطلالة على حلقة برنامج في العمق : صناعة الكذب والتلاعب بالعقول



قبل أن تبث الحلقة بأيام كنت قد تناولت موضوع الاعلام وخطورته :
الاعلام سلاح العصر وهو سلاح ذو حدين ، ممكن توظيفه في الخير وتستطيع أن تغير به المجريات على الساحة ، خاصة إن كان إعلام هادف ويحمل رسالة وله هدف سامي يعمل له ، يبث الوعي ، ويؤثر في الجمهور وينقلهم من حال لحال ، تكمن قوته في طريقة الاحاطة بالمجريات وطريقة التحليل والطرح والاداء المميز ، فقد يكون له دور هام في نجاح الثورات وإزاحة الظلم والاستبداد وقد يعزز المقاومة والصمود والاصرار 
أما إن كان إعلام محرض مغرض أيضا له تأثير ، قد يوغر الصدر ويبث الاشاعات ويزرع بذور الحقد ويقلب الحقائق ويضلل الرأي ويخلق عدوا وهميا ، ويحرض على تيار بعينه ويشطينه ويلفق التهم جزافا للأبرياء ويخلق بذلك جمهور ، يمتطيه لتحقيق مآربه ، الاعلام سلاح فتاك وخطير وهو لغة العصر

وبعدها جاء البرنامج ليوضح لنا الصورة ويعطينا شرحا وافيا لطريقة شيطنة الآخر والتلاعب بالمعلومة ، وترويج الكذب ، فقد أدرج الضيف نموذجا للاعلام المغرض وطرقه في خلق رأي عام يوجهه كيف يشاء من خلال ممارسات لا تمت لميثاق الاعلام ولا لنزاهته أو شرفه بصِلة  ، الاعلام المغرض يهيئ نفسية المشاهد ويؤثر فيه لجعله أرضية خصبة لتقبل المعلومة المراد إيصالها أو الفكرة المراد ترويجها ، بمعنى يهيئ الارضية عبر تخوين الآخر ، افتعال ازمات والتضخيم فيها ومناقشتها بطريقة بعيدة كل البعد عن المهنية ، تكميم كل اعلام مناهض أو مخالف لما يريد أن يمرره ، فلا يبقى سوى وسيلة واحدة لاستسقاء الخبر ، اعلام مسيطر نحى كل معارضيه ، وهذا ما عمد إليه النظام الغاشم في سوريا ظل يردد ويلوك كلمة مؤامرة كونية في غياب اعلام يصحح أو ينتقد أو يخالف ، مع حجب كل اعلام مناهض ، والغرض من تكرار المقولة لتترسخ في الاذهان ..

أبرز أحد الضيوف كيف يعمد المستبد للسيطرة على الاعلام من خلال أسلوب الترهيب والمراقبة الصارمة ، فيصبح الاعلام تحت سمعه وبصره، ويغيب وجهة نظر مخالفة ، فيبقى بوق واحد يردد نفس الاسطوانة ، وكأنها أضحت من المسلمات دون مناقشتها ، مع مجتمع مستشري فيه الامية ، يعتمد على الاعلام المنظور ،هنا يكمن الخطر ، الاستبداد يخلق مجتمع أمي ويمتطيه عند الحاجة ، يكرر معلومة مغلوطة تقدم بشكل تهريجي فينفذ للعقول ، دون تمحيص ،مع شهود زور لتكريس المغلوطة واشاعتها ، اعلام مغرض ينزع الانسانية من الآخر فينعثه بأوصاف غير لائقة ، بل مشينة كالجرذان والخرفان والجراثيم كما ذكر الضيف ، التوصيف له أبعاد لحتى يقتله بدم بارد ، دون أن يبكيه أحد ، مع ما تحمله كلمة خرفان من تبعية مطلقة وعمياء حسب ما يروجه الاعلام المغرض وما يشيعه ليسْهُل تقبلها ..

تهييئ النفوس لتقبل مثل هكذا اوصاف تمهيدا لقتل الآخر أوحرقه دون رحمة أو شفقة ، الاعلام المغرض يعمد لإشاعة جو غير مستقر والهدف تأليب العامة ، الاعلام المغرض يتفنن في صناعة الكذب ، لتمرير مآربه ، مع غياب لأي تفاعل أو نقاش يبلغ الشعب للحقيقة الغائبة ، أعطى أحد الضيوف مثال لتقريب الصورة : سقوط البرجين وكيف هيأت أمريكا شعبها عبر اعلام موجه للحدث قبل وقوعه وظفت كل الوسائل لبلوغ مراميه ، حتى الأفلام جاءت لتحاكي ما سيقع وشيطنت بذلك المسلمين وهزت صورتهم وشوهتها ، فشحنت النفوس غيظا ، مما جعلها تتقبل الحدث عند وقوعه ، دون أن تبدي أسفا لما سيحل بالمسلمين بعدها ، الاعلام المغرض عنده التهم جاهزة ، بعد تخوين الآخر وشيطنته ، النفوس ستتقبل أي تهم ملفقة دون وعي أو استخدام للعقل ، والتعددية وأفساح المجال الاعلامي لكل الآراء هو من يبث الوعي ويصحح المغلوطات ويفضح التلاعب ويبلغنا مرفأ الحقيقة كما أكد عليه أحد الضيوف ..

يوظف الاعلام المغرض كل شيئ تمريرا لفكرته المجحفة ، حتى الاغاني وهذا يشكل خطرا جسيما على تماسك المجتع كما ذكر أحد الضيوف وحذر منه ، مع العلم أن الغرب عندما يعمد لهكذا وسائل ذميمة ودنيئة لا لشق صفه بل للنيل ممن عدهم أعداءه ، بيد أن العرب بأفعالهم المشينة يعمدون لأضعاف الامة وجعلها لقمة سائغة بين يدي عدوها ، ومعلوم أن الجسد الذي فقد مناعته تنخره الامراض وتضعفه ، الاعلام سلطة خفية وخطرها جسيم ، الاعلام المغرض يبدل جلده مع كل مستجد ، يتناغم مع كل مرحلة ، مرحلة نظام مستبد تجده يهلل له ، تـأتي ثورة تجده يعلن توبته زورا ويتماهى معها لحين ، يأتي انقلاب تجده يصفق له ، يسعى لاستئصال تيار بعينه بتناول خطاب أقصائي وتحريضي، سياسة خبيثة : فرق تسد ، وأتم البرنامج بمقولة : لا تصدق كل ما يطرح عليك ، حتى لا تكون ضحية للتلاعب ، عدد مصادرك ، شكك في المعلومة ، وانتقد وناقش وحاور لتبلغ مرفأ الحقيقة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق