الأحد، 27 أكتوبر 2013

صبي أم بنت ؟!!




لا زلت أتذكر تلك الفاجعة التي اهتز لها شارع إحدى الدول العربية ، حيث وُجدت أم وثلاث بناتها صرعى وقد داسهن قطار أودى بحياتهن جميعا ، وأكد شهود عيان أن الام هي التي اعترضت طريق القطار برفقة بناتها ، وبعدها ثبت أن الام كانت حاملا بطفلة ، وأنها كانت عائدة لتوها من زيارة الطبيبة التي أخبرتها أنها حامل بطفلة رابعة ، الاب أبدى حزنه العميق على مصرع الام وبناته ولم يعلق على الحادث بشيئ ، وبعد التحقيق ثبت أن الام كانت تعاني حالة نفسية متردية حين علمت أن الجنين الذي تحمل بين أحشائها هي أيضا بنت ، وأن الكل في محيطها كان ينتظر ولد وليس بنت !!!

هذه ليستِ الحادثة الوحيدة التي تعبر عن عقليات لازالت اغلال الجاهلية تكبل عقولهم ، هناك الكثير من مثيلاتها ، فقط لبشاعة الحادث سردته لكم ، إعتقدت أن وأد البنات قد رحل بعد مجيئ الاسلام الذي أعز المرأة وأكرمها وصان حقها في الحياة والتعليم ووو..وحماها ،وانتهت ظلمات الجاهلية وزالت وبددها نور الاسلام  ، لكن اكتشفت أن هذا هراء ، وأن البعض يئدهن بوسائل أخرى لا تختلف عن الجاهلية ..
يفرح عندما يتلقى نبأ ولادة الصبي ، ويحزن بشدة عندما يكون المولود بنت ، وهذا الوباء ينتقل للام للاسف !  تعتقد أن ولادة البنت أمر ينتقص منها أو يشينها ، والأمر لا يختلف من محيط له قدر من العلم أو محيط أميّ ، الامر سيان ، ينظرون للبنت نظرة دونية ، لا تختلف كثيرا عن نظرة الجاهلية ، في الجاهلية كان يؤرقهم سبي البنات ، فيعتقدون أن الوأد رحمة لهن !!..واليوم يعتقدون أن البنت هي فقط من تجلب العار للاسرة وتناسوا أن الولد هو أيضا إن لم يحظ بتربية صالحة يجلب  لأسرته الويلات ،إذن ليست المسألة صبي أو  بنت ،بل التربية الصالحة هي من ستثمر خيرا في كليهما ..

حتى في مجال السياسة المجتمع يرفضهن ، فإن ترشحت صوت المجتمع برجاله ونسائه على الرجل ،ولم يكترث لهن ، فاهتدى رجال السياسة لنظام الكوتة ، وهو جيد أفسح للمرأة مكانة في البرلمان ،حتى يعتاد المجتمع عليهن ومن تم يصوت عليهن ، رغم كفاءتهن التي لاتقل كفاءة عن أخيها الرجل ..

 البعض يحمل المرأة ولادة الفتاة ، وهي لا حيلة لها في الامر ، وأثبت العلم أن من يحدد جنس الجنين طبعا بعد الله عزو وجل هو الرجل ، هذه الحقيقة العلمية فهمتها إمرأة من زمن بعيد بفطرتها ، أنجبت إمرأة فتاة فهجرها زوجها وكان  يبيت عند الجيران وفي يوم مر على خبائها وسمعها تنشد :
مالي أبي حمزة لا يأتينا **يظل في البيت الذي يلينـــا
غضبان أن لا نلد البنينا ** والله … ما ذلك بأيدينــــــا 
وإنما نحن لزراعينا كالأرض ** نحصد ما قد زرعوه فينــا
فدخل الرجل وقبل رأس زوجته وابنته ، بعد أن وقف على خطئه .

النبي عليه الصلاة والسلام ، مات كل أولاده الذكور وهم صغار وحتى بناته ولم تبق بعده إلا فاطمة الزهراء رضي الله عنها ، وهي من أنجبت سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عنهما ، تناسينا فضل تربية البنات وأن من اعتنى بتربيتهن كنّ له حجابا من النار ، وأن البنات حسنات والاولاد نعم ، والمرء يثاب على الحسنات ويسأل على النعم ، وأن الام مدرسة إن أنت أعددتها أعددتت شعبا طيب الاعراق ، فهي من تربي الاطفال وهي من تعزز في نفوسهم القيم وتغرس الاخلاق ، وتحرس العرين في غياب الوالد ، فإن هي حظيت بتربية صالحة في بيت أبيها، واحتُرمت شخصيتها انعكس ذلك على تربيتها لأولادها فأخرجت لنا جيلا نفخر به والعكس صحيح .. 

وعندما كان هذا حال البعض في مجتمعنا انبرى دعاة التغريب من ينادون زورا بتحرير المرأة ، لتغدو سلعة مبتذلة في الاشهار وفي المسلسلات الهابضة ، وأضحت المرأة بين نارين إلافراط والتفريط ، وكلاهما على خطأ ، والاولى أن نعود للمنبع الصافي لنرتوي منه كل خير ، هدي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ،لاتعلم  أين يكمن الخير والبركة هل في الصبي أم في الفتاة ولا تعلم من سيكون البار بك ، وكان الاولى شكر النعمة ،فهناك من حرمها ، والدعاء للزوجين بالذرية الصالحة ، وللحامل أن تقوم بالسلامة و اكتمال الصورة ، والمعافاة ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ وُلِدَتْ لَهُ ابْنَةٌ فَلَمْ يَئِدْهَا وَلَمْ يُهِنْهَا وَلَمْ يُؤْثِرْ وَلَدَهُ عَلَيْهَا يَعْنِي الذَّكَرَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ ))رواه ابن ماجة

وقال تعالى: ﴿لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾
فإن اعترضت بعد هذه الآية الكريمة ، فأنت تعترض على مشيئة  الخالق ، تأكد إن أنت رزقت بنت وأحسنت تربيتها وكنت لها الاب الحنون والعطوف وأغدقت عليها من حبك وحنانك سيثمر ذلك فيها خيرا ،وسينعكس خيرا على حياتها في المستقبل ، بل وحتى على علاقتها بزوجها ، وإن إهملتها وأثرت الولد عليها ، حتما سينعكس ذلك سلبا على نفسيتها ويؤثر على سلوكها في المستقبل ومشاعرها ، وقد رأى عليه الصلاة والسلام رجلا قدما عليه بنته وولده ، فقبل ولده وأجلسه في حجره ، وأجلس البنت بجانبه ، فأنكر عليه النبي عليه الصلاة والسلام فعله وقال له : فما عدلت بينهما ، والعدل بين الاولاد جميعا لا يقتصر على القبلة والحنان بل حتى في العطية ، قال عليه الصلاة والسلام : اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر..  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق