الخميس، 30 أغسطس 2012

تبرئة الجناة من دم الناشطة راشيل استهتار بالقيم الإنسانية..




«كل ما أردته هو أن أكتب لأمي لأقول لها إني أشهد هذا التطهير العرقي المزمن وخائفة جداً، وأراجع معتقداتي الأساسية عن الطبيعة الإنسانية الخيّرة. هذا يجب أن يتوقف. أرى أنها فكرة جيدة أن نترك كل شيء ونكرّس حياتنا لجعل هذا يتوقف. أشعر بالرعب وعدم التصديق» راشيل كوري

كانت هذه المقدمة عبارة عن رسالة أرسلتها راشيل لامها لتصف لها الواقع الذي لامسته عن قرب ، والذي كانت تجهله فيما مضى ، عندما نقف على شخصيتها ندرك كيف تَشكل تفكيرها فمنذ صغرها اهتمت بالآخرين وبحثت عن الحق الذي ارتأته وآمنت به ، فكانت تحلم بعالم يخلو من الظلم ومن الطبيقة ومن المعاناة وترنو لعالم مشرق بنور العدل ، كانت ترجو أن تبذل كل جهد للتخفيف من معاناة المعذبين والتضامن معهم ، حتى وهي طفلة كان اهتمامها منصب على حمل همّ الآخرين ، طفلة أكبر من سنها ، فانضمت بعدها لحركة التضامن العالمي ، مهمتها مساندة والتضامن والوقوف مع المعذبيين ..

غادرت وطنها الأم لتكون في قلب الحدث لتكون قريبة ممن سمعت عنهم ووقفت على الحقيقة الغائبة ، فضمتها غزة وافسحت لها قلبها ، لتذوق ما يذوقونه فترك ذلك ألما في نفسها وأثر فيها ، عندها صدحت الحقيقة أمامها ، حقيقة دأب الغرب على إخفائها بل وقلب الحقائق حتى غدا الجلاد هو الضحية بيد أن الحقيقة بدت لراشيل ساطعة سطوع الشمس ، رفضت راشل أن تبقى عنصر متفرج دون فاعلية فغادرت وطنها إلى غزة ..

وصراحة وأنا أتطرق لسيرتها يلفني الحزن كون راشيل غربية ، وآلت اهتمامها للإنسانية وشغلت وقتها بالعمل الهادف القيم ، في حين نقف على بعض بنات الإسلام من يشغلن الأوقات بالتفاهات ، بل ويهدرنها في غير محلها ، وبدل الأنشغال بسفاسف الأمور الأولى أن يركزن اهتمامهن لقضايا الأمة فكلما علا تفكيرهن كلما زاد وعيهن بواقعهن وكنّ فاعلات فيه ، بل وتركن بصماتهن عليه ..

كانت تعي راتشيل أن القدوم لغزة ليس للنزهة فدونه أهوال ومخاطر ورغم ذلك تحدت كل المعيقات لتكون في قلب الحدث بل تصنعه فيما بعد ، وقفت راشل أمام جرافة تبغي هدم المنازل الفلسطينية وقفت حتى تحول دون تقدمها حاولت منعها ولو بجسدها ، عندها دهستها الجرافة ، كانت ترجو أن تكون سفيرة توصل الرسالة للعالم الغربي الذي ضلله الممسكين بزمام الإعلام هناك فكانت ضحية للظلم دهستها الجرافة أمام ناظري صحافيين زملاء لها ، ليكونوا شهودا على الواقعة التي يريد المحتل أن يتنصل منها اليوم ، فقد برأت المحكمة جيش الإحتلال من دم الناشطة في حين شكل هذا صدمة لمحامي العائلة وكذا أبويها اللذان كانا يريدان انصاف ابنتهما ، ومعاقبة الجناة ..

وهنا حقا لنا أن نتسائل لماذا تركت راشيل وطنها والعيش الرغيد لتكون في قلب الحدث ؟؟
هو حقا عدالة القضية ، فمهما زور الآخر وضلل فهذا مدعاة للباحثين عن الحقيقة ولسبر الأغوار والتضحية حتى بلوغها والوقوف عندها كما شأن الناشطة راشيل ..

لن ينساها ثرى غزة ، فهي حاضرة في ضمير كل مؤمن بعدالة قضية فلسطين ولن تغيب ، فقد شكل موتها تحفيزا لغيرها من النشطاء ليحذوا حذوها، فزاد وعيهم وزاد تضامنهم مع القضية وتتويجا لها وهو كما ذكرت سلفا درس للعرب أصحاب القضية وكذا المسلمين ..

ولنسأل أنفسنا في المقابل ماذا قدمنا نحن للقضية وكيف تفاعلنا معها ، وكيف خدمناها ونحن أصحاب حق ، وقضية فلسطين قضية أمة .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق