السبت، 23 يونيو 2012

تحليل الحدث قبل وقوعه حتى نتفادى صدماته ..






تحليل الحدث قبل وقوعه حتى نتفادى صدماته ..
عندما يحل حدث ما على الساحة العربية ككل ، فهذا يعد مؤشر لصناع القرار كي يطلقوا العنان لتحليلاتهم وتفسيراتهم ولتركيبة الحدث وطبيعته وحجمه الحقيقي ، وإعطاءه أبعادا ذات مدى أكبر ، وتفصيل جزئياته ، حتى لا يتطور ويربك حسباتهم ، مثلا نحن العرب نفتقر لخطة ولمحللين محنكين يفسرون الحدث ويضعونه نصب أعينهم ويُأْلونه إهتمامهم ، قبل أن تتمخض عنه أحداث أخرى ويستفحل ويصبح من الصعب تجاوزه وتداركه ، أو إجتثاته ،أو التقليل من تبعاته وماسيترتب عنه لاحقا ، تحليلك لمسار الحدث قبل وقوعه يجعلك تضع له خططا تفاداه أو تقلل من نتائجه الكارثية ، لأن الأمور متسلسلة حدث يفضي لآخر ، طبعا بالإعتماد على المعطيات التي إكتسبناها أو من خلال تحليل الواقع ..

الغرب له باع طويل في دراسة الحدث والعمل على إحجامه أو الحد من تصدعاته ، مثلا : أول وطن قامت في الثورة كانت تونس ، لم يتوقع الغرب أن تتطور الأمور لتصل لعزل الرئيس ، وما تمخض عنه ، أولا ألجمتهم المفاجأة وشتت أفكارهم ، ما لبثوا أن لوّنوا خطابهم ، وبين عشية وضحاها صاروا أصدقاء الشعب !!! وكم سمعنا من تصريحات عجيبة وغريبة ، كيف يتطلع الغرب لحرية الشعب التونسي وضمان أمنه وكيف العالم كله وحد كلمته ونادى بعزل الرئيس ، هذا رفض إستقبال بن علي ، وذاك حجز على ممتلكات العائلة وصادرها بحجة أنها أملاك للدولة والآخر أشاد بشباب الثورة ..

الكثير منهم فقط ركب قطار الثورة ، لأنهم يقرؤون الحدث قبل وقوعه ويلملمون شتات أفكارهم بسرعة ، ليسوا مثلنا نغرق في النتائج ونظل نحللها ويبعدها هذا الأمر عن البحث في المسببات كي نتفادى وقوعها ، وحتى نتجنبها أو التقليل من حجم الضربة ، هم علموا أن الثورات إن لم يتداركوها ويركبوا موجتها فسيكبر حجمها وستتوسع رقعتها ولن يستطيعوا إيقاف صداها الهادر ، ويعلمون أن الشعوب ناقمة من سياسات الغرب التي أنتجت اللإستبداد ودعمته لآخر لحظة ...

وهذا ما نفتقره نحن في تحليلاتنا ، يلجمنا الصمت وتهز كياننا الصدمة وتشل تفكيرنا المفاجأة والعدو قد تجاوز النقطة الأولى ليقف على نقطة أخرى ونحن لازلنا نحلل نقطته الأولى في حين هو إنتقل لحدث آخر ولمشهد آخر ، فلو إمتلكنا القدرة على التحليل العميق وليس السطحي سنتفادى الوقوع في أخطاء جسيمة بإذن الله ، الأحداث التي تقع في محيطنا لها تبعات ولها مابعدها ، وهذا هو مافهمه المجلس العسكري مثلا ، قرء في الثورة وفي وجوه الثوار إصراراَ منقطع النظير فأحتوى الثورة وأمتص غضبها ، وأشاد بها وتفادى الصدام معها ، وأطلق تصريحات هزت مشاعر الشعب ونفذت لقلوبهم ووجدت تجاوب منهم ودغدغة عواطفهم ، وهي لا تعدو تصريحات جوفاء لا تستند لدعائم قوية ولست مبينة على ركائز متينة ، ما لبتت أن إندثرت بسرعة كسرعة الريح ...

أزاح رأس الفساد وأبقى الجسد ، وجعل من المرحلة الإنتقالية مرحلة إنتقامية ، إنفلات أمني فظيع ، إقتصاد في مهب الريح ، تجاوزات كان يعلم بها ومرّرها ، حتى حين يقف عليها يلجأ إليها ويصورها على أنها لم تكت دستورية ويعيدها إلى نصابها ، يعني لعب في السياسة بحنكة ودراية ، في حين الإسلامين وشباب الثورة عاشوا في أحلام وردية خلقها المجلس العسكري حتى تسيّر الأمور حسب هواه ودون شوشرة ودون مواجهة .

مرحلة إنتقالية أنهكت الشعب وأثقلت كاهله ومما زاد الطين بلة ، عامل الإسلاميين وأخطاءهم ونسوا أنهم تحت المجهر وأن الشعب يقيّم أعمالهم وتحركاهم ، فهذا كله مخطط له حتى يبدو الإسلاميين بنظهر المستأْثر بالحكم وأنه تجاوز شباب الثورة ، وأنه إنفرد بكل شيئ ، سياسة عقابية للشعب ومن إنتخب الإسلاميين ، في هذه الأوضاع القاتمة سيفضل الشعب أي رئيس المهم يخرج من هذا النفق المظلم وهذا الحال الكئيب الذي أرهقه ...

توالت الأخطاء وتشتت الأصوات والكل يريد أن يكون له مكان نسوا أن الوحدة هي من تصنع النصر ، فكانت نتيجة الإنتخابات الرئاسية مفاجأة بل وصدمة للشعب ، كيف من ضحى بأرواحه أن يعيد الإستبداد من جديد في صورة شفيق !!!!، فهذا ما كان يسعى إليه المجلس العسكري حين إحتوى الثورة حتى لا تنقلب لمصادمات تجثته هو أيضا من جذوره ، فرموزه تُعد من بقايا الإستبداد وهو من كان يجمل كل شاردة وواردة تصدر من الرئيس المخلوع ..

عندما جائت نتيجة الإنتخابات مخيبة لآمال الشباب ، تحولت أصواتهم لصالح من يمثل الثورة وهو محمد مرسي حتى يقطعوا الطريق عن وجه الإستبداد القاتهم ، والمجلس العسكري يراقب مجريات الأمور ، عندها عمد لسلسة من الخروقت تحجم صلاحيات الرئيس فقد أدرك أن الرئاسة في ظل هذه الأوضع المضطربة ستؤول لمحمد مرسي ، فأراد أن يمتص الإحتقان من جديد ويرضي الغرب وحلفاءه ، ففي خطوة غير مسبوقة أجاز لنفسه صلاحيات لم تكن من واجبه أن يتناولها أو يتطرق إليها .

وحتى وثيقة العهد بنودها في مجملها موجهة لمحمد مرسي حتى تكبل صلاحياته ، فهذا يجعلنا نقرء مجريات الأحداث من كل الزوايا وأن نعطي كل خطوة يخطوها خصمنا الإهتمام الكافي ونحللها جيدا ، حتى نتفادى مضاعفاتها أو ماذا سيترتب عنها مستقبلا ، هذا سيجعلنا مهيّئين لخوض مراحل أخرى ، وقطع أشواط مهمة ولا نقف عند نقطة تجاوها خصمنا ونغرق في تفاصيلها ، بيد أنه إنتقل لفصل آخر جديد ونحن لم نبرح مكاننا ، فعندها سنخلق نحن الحدث ونكون في خضمه ونكون جزءا منه ..




هناك تعليقان (2):

  1. كم احترم هذا القلم الذي تحملينه وهذا الفكر الذي يشع نوره من خلال كلماتك احييك وبشدّة اختي الكريمة ام كوثر

    ردحذف
  2. جزاكم الله ألف خير وبارك الله فيكم
    اللهم أرزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال
    اللهم آمين

    ردحذف