الأحد، 24 يونيو 2012

مصر تصنع الحدث ...ألف مبروك لمحمد مرسي




 





كانت ساعات الإنتظار هي الأطول في تاريخ مصر ، لحظات عصيبة وأجواء إتسمت بحرارة الجو وحرارة شدّ الأعصاب ، الكل كان ينتظر الحسم الأخير ، كل ما مر من أهوال وصعاب كان أخف من ساعات الإنتظار ، لأول مرة في تاريخ مصر نلمس التشويق والتطلع لمعرفة شخصية الرئيس المقبل ، الألسن فقدت الكلام وأطلقت العنان للدموع والأكف مرفوعة للباري عز وجل بالدعاء أن تمر المرحلة على خير وأن يكون القادم خيرا ..

ما إن أُعلنت النتيجة حتى عمت فرحة عارمة إهتزت لها جنبات ميدان التحرير ، فرحة أذهبت الغمة وأزالت الهم ، بهجة بددت الأحزان ، هو نصر لجهود الثوار وتتويجا لمجهوداتهم الجبارة ، والعمل الدؤوب والجهد المضني ، كان ذلك الحصاد ثماره الفجر الذي لاح وعاشته مصر اليوم ، وقطفت ثماره ، مصر كستها اليوم فرحة لن توصف ، فرحة غادرتها منذ زمن .


عندها خف الإحتقان وتنفس الشعب الصعداء ، اليوم تكتب مصر تاريخها المجيد ، اليوم شهد وفاءا لدماء شهداء الثورة ، اليوم يُخلد المصريين مرحلة تاريخية لن تمحى من الذاكرة وستبقى راسخة تتداولها الأجيال ، وبعد إن إجتزنا هذا الشوط الذي إتسم بأجواء من التوتر والقلق والمشاحنة فالفوز ليس نهاية المطاف بل هو البداية والآتي أعظم منه وأشد ..

الشارع المصري يريد أن يرى مصر بثوب جديد ، وقد عادت لوزنها الحقيقي ، يريد أن ينعم بالأمن والأمان ، وأن يسوده العدل وأن يرى الوعود وقد تحققت على أرض الواقع ، اليوم تريد مصر أن تلملم الجراح وأن تفتح صفحة جديدة عنوانها خدمة مصالح مصر ، والسهر على حمايتها وحمل أمانتها ، وتحقيق أهداف الثورة ، كل سواعد مصر على أهبة للعمل وكلها معاول بناء وكلها ذخر لهذا البلد الطيب الكريم ، والإستبداد كما هو معلوم لايأتي من فراغ بل يُصنع حين تركن النفس لهواها ، حين تَشغلها بالمناصب وتلهيها عن دورها الحقيقي والمنوط بها : خدمة الوطن ، وحين لا تُساءل ولا تُحاسب ولا تقيّم خطواتها ولا تجدد من خطابها ، وحين تفتر الهمم ..

فالمسؤولية تكليف وليست تشريف ، ومن تحمل الأمانة يطلب العون من الله أولا كي يسدد خطاه ، ويدعوه أن يرزقه البطانة الصالحة تعينه على حمل ثقل الأمانة ، فمصر اليوم تئن تحت وطئة الأزمات والتركة ثقيلة ، فالكل من واجبه أن يساهم في حملها وأن يكون له دور إيجابي في بناء الوطن من جديد ..

وفي خضم هذه الفرحة العارمة لا ننسى نسبة الفوز والفارق بين محمد مرسي ومنافسه ليس بالكثير محمد مرسي 51 في المئة وشفيق 48 في المئة ، نحن لا نبخس النصف الذي صوت لمحمد مرسي كلا ، هم لهم وزنهم ولكن هي قراءة في النسب تجعلنا نطرح عدة أسئلة ، حول هذا الفرق وتجلياته وما يحمله من دلالات ، كما أنه مؤشر أن النصف صوت لمحمد مرسي والنصف الآخر لشفيق قد لا يكون بالتأكيد يحمل فكر شفيق لكن قد يكون متخوف من الآخر ، فمن واجب الرئيس أن يعمل على تبديد هذا الخوف ، وأن يعمل على التخفيف من حدة التوتر وأن يعي الكل أن مصر لكل المصريين وأن يعمل الكل على حمايتها وصونها وبناءها والسعي لرفعتها ..

وأن يكونوا يدا واحدة فالتحديات كثيرة ، وأن يتمتع الكل بروح الحوار والتنافس في الخير ، وأن الكل أبناء مصر ، وأن يعي الإسلاميون بالذات أن هذا إمتحتان آخر ، وإختبار لهم ، فإن نجحوا فيه فتحوا الأبواب لكل الإسلاميين في الوطن العربي لعودة الثقة لنهج الإسلاميين ، وأنهم يستطيعون أن يقدموا نموذجا رائعا للحكم بالعدل ، ولازال المشوار طويلا ، ولازالت المعيقات والتحديات كبيرة ، ولازالت هناك أشواط تنتظرنا لم نجتزها بعد ، وقد تكون أعظم وأشد وأكبر من كل ما مرّ علينا ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق