السبت، 14 يوليو 2012

الإسلام روح تنبض بالحياة ..






الإسلام عالم فسيح من الإنطلاقة نحو الإبتكار والإبداع والتجديد ، لكننا نحن من فرضناعليه قيودا ووضعناه في قالب معين وحجرنا عليه ، فالخلل ليس في الإسلام بل الخلل فينا نحن ، والفكر( الديني ) الذي يُعطل العقل ويقيّده حتى لا ينطلق بل ويجمده كي لا يتفاعل ، سيجعل فكرنا قابعا في مكانه حتى يترهل لأنه حُرم الفاعلية والتجديد ، نحن حملنا الإسلام شعارا وضيعناه تطبيقا ، أخذنا بالقشور ورمينا اللّب ..

ورثنا تاريخ الإسلام مشوه وكما أراده أعداءنا حين أفرغوه من مضمونه الحقيقي ، تقبلناه كما هو ولم نسعى لكنس ما علق به أونجتهد في تجديده حسب العصر وكما نعلم أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، يمتاز بليونة ومرونة في التفاعل والتجديد هي السمة الغالبة فيه ، فإلى الآن لم نقف على كل أسراره وخفياه فلو أطلقنا العنان لفكرنا لسبحنا في سماء المعرفة ولأدركنا ما غاب عنا ..

الرجل الغربي حين يتعطش للإسلام ، يُسلم عن جدارة يبحث ويقيّم خطواته ويُقارن بين دينه والإسلام ، ويبحث عن نقاط قوة ونقاط ضعف ، ولا يربط الإسلام ببنيه بون شاسع بينهما ، وحين يقف على حقيقة الإسلام يؤمن به عن جدارة ، أما نحن توارثناه فلم نشغل عقلنا في البحث فيه ، قبلناه كما هو ولم نسبر أغواره حتى نقف على ماتسرب إليه من أباطيل جمدته ووضعت أمامه حواجز أعاقة تقدمه ، الحوار رائع لكن عن أي حوار نحكي ؟؟ عن حوار الطرشان أو حوار التحدي أو حوار التباعد أو حوار الغالب والمغلوب ، إن كنا هذا ما نبحث عنه فالفشل هو ما ينتظرنا، ولو كان همنا بلوغ مرفأ الأمان ومعرفة الحقيقة ، وكان حوارا للتقارب وليس للتصادم ، لكان أنفع ..

حين نقف على مسافة واحدة تجمعنا ، ونستثمر الحوار نربح ، أما حين تكون الهوة سحيقة والتوافق حلم أووَهم لن يتحقق ، وأن الرسائل الإيجابية من هذا الطرف أو ذاك لا تُقرء كما يجب ، والتجاوب غائب والكل متمسك برأيه فلن نصل إذن لحل يرضي ربنا أولا ويُقرب وجهات النظر، فعندما تكون الغاية سليمة وهي البحث عن الحق لا غير وليس المعاندة والمكابرة والتمادي في الباطل ، عندها سيـثمر الحوار أما عندما تغيب النية الخالصة من أي حوار، بل ويسعى كل طرف لجر الآخر للمناكفة التي لا طائل منها ، والتي تزيد الهوة وتزيد الإحتقان ، عندها لن نجني المصلحة المرجوة من أيّ الحوار ..

المناظرةة بالحجج والدلائل هي من تجعل الآخر يقتنع ، والإسلام يعيب على من يرثه دون أن يؤمن به بعد البحث المضني فيه ، والمشركين عبدوا الأصنام دون أن يعمدوا لتشغيل فكرهم ، دون تمحيص منهم ، سلّموا بها لأنهم وجدوا آباءهم يعبدون الأصنام ، فهم على آثارهم ماضون ، عبادة صماء لم يختبروا تفكيرهم ويضعونه على المحك ويتسائلوا مع أنفسهم هل كان آباءهم على الحق أم كانوا على باطل ؟؟

الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها هو أحق بها ، هذه إذن دعوة للبحث عن الحكمة بغض النظر عن مصدرها ، مادامت حكمة وستفيدك ، فقد أثار إنتباه إحدى المسيحات عبادتها المبهمة والغريبة وسألت أمها تريد أن تكشف لها عن حقيقة هذا الدين ، لكن جواب الأم كان غير مقنع للفتاة التي أرهقتها الأسئلة ولم تجد لها جوابا كافيا ، فقد ردت عليها أننا نؤمن ونُسلّم دون أن نسأل !!!!

هنا تحولت الفتاة للبحث وشغّلت تفكيرها حتى وصلت للإسلام ، فالله حاور إبليس حتّى ، حتى يقيم عليه الحجة ، والله بعث الأنبياء والرسل يحملون مشعل الهداية للأمم ، ويبلغوا عنه آياته العظمى وحتى لا تبقى أي حجة لهم ، لكن بلين الخطاب ، موسى عليه السلام بعثه الله لأشر الخلق من إدعى الربوبية ، وقد أمره الحق أن يهديه طريق الرشاد بالتي هي أحسن ، وحين تكبّر وعاند ولم يزده ذلك إلا طغيانا وكفرا ، حُرم الهداية ولم يؤمن حتى رآى آيات الله العظمى ، عندها لم ينفعه إيمانه ...

عندما نؤمن بالحق ونذعن له يكون ذلك عن جدارة وبصيرة لا تعصبا ، الإسلام يبث روع الفاعلية في بنيه ويحفزهم على العطاء والإنطلاقة قال تعالى :
(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآَخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) العنكبوت
هذه دعوة منه عز وجل لسبر أغوار البحث وتقصي الحقائق والوقوف عندها ومعرفة أسرار الكون وبداية الخلق ، والتأمل في ما خلقه الله ، وهذا بدوره يدعونا ، للإنطلاقة في عالم المعارف والعلوم ، الإسلام ليس رسالة جامدة كلاّ ، ففي عصر قامت فيه العلوم ، وتفتحت فيه العقول ونهلت من كنوز المعرفة ، وكانت زادا لها رأينا كيف أن قرطبة أصبحت منارة للعلم ، إلى يومنا هذا يندهشون من حضارة الإسلام التي خلقت هكذا عقول ، وكيف أزهرت بهاته الطاقات ، فالإسلام روح وعمل يدعوك لتسبح في سماءه ..
وركز القرآن على الأرض فمن خلالها نتعرف على تاريخ الأرض فهو محفور في الصخور ، تاريخ الأشجار بالسنين محفور فيها أيضا ، وكذا النشأة ، ففي خلقنا أعظم العبر ، خلق دقيق لا يُثقنه إلا خالق مبدع سبحانه ...

صحيح حال المسلمين لا يسر صديق ، جامد وكئيب ، حوارات غالبا ما تُفضي لمناكفات ، كل واحد معجب برأيه ويراه صائبا ، أنهكتنا الحروب الداخلية والخارجبة ، والدسائس والمكر ، وهزمتنا خلافاتنا من الداخل أكثر ، حين تشتتتِ ألأفكار ، من فكر ملحد لا يُعير للإسلام إحترام إلى فكر شاذ يُكفر الكل، أضحت الفئة المعتدلة قليلة ، وينال منها الكل ..

المثقف يعاني الأمرين ، معاناته في الغربة وكذا في وطنه، لكن عليه أن يعلم أن التغيير يلزمه وقت حتى يتحقق ، ويُحقق بدوره ما يصبو إليه ، وأن الواقع لم ينضج بالقدر الذي بلغه هو وأن سيرة التغيير بدأت وتحتاج لصبر وقوة إرادة وجهود جبارة لتغيير ما تكدس في العقول لعقود ، وحتى نمحي أفكارا مزقت وحدتنا وخلقت هوة سحيقة بيننا ، وحتى نَكنس ما علق بالأذهان ونخلق أفكارا جديدة نسعى من خلاله لرقي أمتنا .

والله لا يقيس الظلم والعدل بمقياسنا نحن البشر ، فما نراه من منظورنا القاصر ليس كما يراه الله عز وجل ، كيف للظلم أن يهنأ وكيف للمظلوم أن يتجرع الآلام ؟؟ !! في غياب العدل !!!
الله يحسبها غير حسابنا نحن ، لحكمة يعلمها خلق هذا الكون ، وجعلنا خلفاءه في الأرض ، وأن قدرنا حماية الحق والذود عنه بما أوتينا من قوة فالله لا يُعجزه الظلم والطغاة وهو القادر عليهم ..
قال تعالى :
( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ ) سورة محمد
وفي مقارعتنا للظلم يستجيش في نفوسنا أكرم مافيها فتجاهد في سبيله ، ويُضفي عليها لمسات صافية نقية تظللها وتسمو بها للعلياء ..
وحتى يختار منا شهداء ، وتمّة محكمة إلاهية مهما قصُر الزمن أو طال سنبلغُها ، محكمة يقتص الله من الظالم وتُعاد الحقوق لأهلها ، الله يمهل ولايُهمل ..












ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق