السبت، 28 يوليو 2012

لماذا عدّ الله عز وجل صلح الحديبية فتحا مبينا ؟





بدأت القصة حين رأى الرسول الأكرم رؤيا صالحة فبشر بها الصحابة فتجهزوا لذلك وعقدوا العزم وتهيئوا وتاقت أنفسهم للبيت الحرام . وأظهر لقريش أنه ذاهب لأداء المناسك وليس محاربا وفي الطريق وقعت حادثة أثنته عن سعيه ومطلبه لكن الصحابة استغربوا فعله ولم يفهموا مغزى كلامه فقد قال فيما معناه : لو أن قريشا ناشدتني أمرا فيه الخير لأجبتها كان النبي يدرك أن الله فاعلا أمرا قد لا يفهم كنهه الكثير ويحمل تحت طياته منح كثيرة..

المهم توالت الوساطات بين الرسول وبين قريش حتى استقر أمرهم على أحدهم وعقد الصلح وكتبت بنوده رغم أن الصحابة رفضوه وأحسوا بالغبن وأن الحق معهم وأن الله معهم لكننا نحن البشر قد تبدو لنا أمورا ظاهرها شرا لنا ولكن باطنها في الخير وقد تحمل تباشير لنا سنعرفها مستقبلا ..

عم المسلمين غم وحزن وكدر وأخذوا يتساءلون : لماذا نعطيهم الدنية في الصلح ؟وأن الله وعد بإظهار دينه وأن موتانا في الجنة وقتلاهم في النار فعلاما نذعن لهم ؟؟ فهذه طبيعة البشر لأننا نحكم على الظاهر ونرى الأمور حسب منظورنا البشري وساد التجهم ورفضوا بادئ الأمر الامتثال لأمر رسول الله في التحلل وبعدها لبوا أمره وهم غير مدركين الحكمة من ذلك وغير مصدقين ما يقع .

فالظاهر للصحابة أن الصلح قدم لقريش الكثير على حساب المسلمين لكن الله عز وجل سماه -فتحا مبينا ..فقريش بادئ الأمر لم تكن تعير المسلمين أي إهتمام وكانت تتمنى أن تستأصلهم من الجذور فكيف بها اليوم تعقد معهم صلحا فهذا دليل على الإعتراف بهم وبحقهم ..

فيما قبل كانت قريش صخرة صماء أمام نشر الدعوة لكن مع إبرام الصلح تخلت عن هذا الأمر وتركت الناس أحرارا في الاختيار فبعد الصلح لم يبق بيت إلا وسمع عن الدعوة ولبى النداء, ألم يكن فتحا ؟

والحروب التي خاضها المسلمين ليست لإجبار الناس على الإسلام وإكراههم لإعتناق الإسلام كلا بل حتى يخلّي الكفار بين الدعوة وبين الناس حتى يؤمنوا طواعية ..نصت المعادة على توقيف الحرب لمدة عشر سنين وهذا كان في مصلحة المسلمين حتى يأمنوا شر قريش وكيدهم ويمضوا في تثبيت دعائم الدولة الوليدة ..ألم يكن فتحا ؟..

أما البند الذي إعتقدت قريش أنها كسبته فظاهره كان فشلا ذريعا حيث فرضت على الرسول الأكرم أن يرد لها كل مسلم فر من قريش ولحق المدينة وفي المقابل لا ترد قريش كل مشرك آتى من المدينة .فالأجذر أن لا يعود لمكة ولا حاجة للمسلمين بمنافق يكون عبئا عليهم ..أما المسلم الذي سيأتي للمدينة فالله لن يتركه وأرض الله واسعة وسيجعل الله له مخرجا وهكذا صار الأمر .

فعندما تجلت الحقيقة للمسلمين وأن الصلح كان فتحا مبينا وكان لصالح الفئة المؤمنة طابت أنفسهم وأرتاحت وقد ربح المسلمون من هذا الصلح وأنضمت لهم العديد من القبائل وأنتشرت الدعوة وجعل الله مخرجا للمستضعفين وقوية شوكة الإسلام وكانت طلائع الفتح قد بدئت منذ كتابة صلح الحديبية..

حقا كم من محنة تحمل تحت طياتها منحا كثيرة قد لا نفهما الآن لكن ستترآى لنا ملامحها مستقبلا وقد تحمل لنا الخير الكثير فقط تكون ثقتنا بالله أكبر وأن الله لن يخيّب رجاء المسلمين وإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا..
المصدر : الرحيق المختوم 



هناك تعليق واحد: